للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُقْسِمُ بِهِ عَلَى اللَّهِ فِي طَلَبِ حَاجَاتِهِ وَتَفْرِيجِ كُرُبَاتِهِ. فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَشْرَعْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فَعَلَهَا أَصْحَابُهُ. وَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ يَقْصِدُ زِيَارَةَ " قَبْرِ الْخَلِيلِ " بَلْ كَانُوا يَأْتُونَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَطْ طَاعَةً لِلْحَدِيثِ الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيح عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: {لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا} . وَلِهَذَا اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الدِّينِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ نَذَرَ السَّفَرَ إلَى زِيَارَةِ " قَبْرِ الْخَلِيلِ " و " الطُّورِ " الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ " جَبَلِ حِرَاءَ " وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ وَهَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ} وَالسَّفَرُ إلَى هَذِهِ الْبِقَاعِ مَعْصِيَةٌ فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ حَتَّى صَرَّحَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الصَّلَاةَ لَا تُقْصَرُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ بِأَنَّ صَاحِبَ هَذَا السَّفَرِ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَلَوْ نَذَرَ إتْيَانَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِالِاتِّفَاقِ. وَلَوْ نَذَرَ إتْيَانَ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ. أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِهِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَالثَّانِي