لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ إلَّا مَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِكُلِّ نَذْرٍ هُوَ طَاعَةٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ} وَلَمْ يَسْتَثْنِ طَاعَةً مِنْ طَاعَةٍ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُونُوا يَسْتَحِبُّونَ السَّفَرَ لِشَيْءِ مِنْ زِيَارَاتِ الْبِقَاعِ: لَا آثَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا قُبُورِهِمْ وَلَا مَسَاجِدِهِمْ؛ إلَّا الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ؛ بَلْ إذَا فَعَلَ بَعْضُ النَّاسِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَمَا أَنْكَرُوا عَلَى مَنْ زَارَ الطُّورَ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى حَتَّى إنَّ " غَارَ حِرَاءَ " الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَبَّدُ فِيهِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ لَمْ يَزُرْهُ هُوَ بَعْدَ الْمَبْعَثِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَذَا الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ فِي الْقُرْآنِ. وَثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ فِي بَعْضِ الْأَسْفَارِ: فَرَأَى قَوْمًا يَتَنَاوَبُونَ مَكَانًا يُصَلُّونَ فِيهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: مَكَانٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: وَمَكَانٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَتَّخِذُوا أَثَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَكُمْ مَسَاجِدَ إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ بِهَذَا: مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَإِلَّا فَلْيَمْضِ. وَهَذَا لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشْرَعْ لِلْمُسْلِمِينَ مَكَانًا يَتَنَاوَبُونَهُ لِلْعِبَادَةِ إلَّا الْمَسَاجِدَ خَاصَّةً فَمَا لَيْسَ بِمَسْجِدِ لَمْ يَشْرَعْ قَصْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute