للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدِّينَ فِي أَكْبَرِ مَجْمَعٍ كَانَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ: {لَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وَقَالَ لِلسَّائِلِ الْمُسْتَفْتِي لَهُ عَنْ حَقِّ الزَّوْجَةِ: {تُطْعِمُهَا إذَا أَكَلْت وَتَكْسُوهَا إذَا اكْتَسَيْت} " وَلَمْ يَأْمُرْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ مُعَيَّنٍ؛ لَكِنْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ تَارَةً وَبِالْمُوَاسَاةِ بِالزَّوْجِ أُخْرَى. وَهَكَذَا قَالَ فِي نَفَقَةِ الْمَمَالِيكِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {: هُمْ إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ؛ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ؛ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ؛ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ} وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا يُطِيقُ} فَفِي الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ أَمْرُهُ وَاحِدٌ: تَارَةً يَذْكُرُ أَنَّهُ يَجِبُ الرِّزْقُ وَالْكِسْوَةُ بِالْمَعْرُوفِ. وَتَارَةً يَأْمُرُ بِمُوَاسَاتِهِمْ بِالنَّفْسِ. فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ جَعَلَ الْمَعْرُوفَ هُوَ الْوَاجِبُ وَالْمُوَاسَاةُ مُسْتَحَبَّةٌ. وَقَدْ يُقَالُ أَحَدُهُمَا تَفْسِيرٌ لِلْآخَرِ. وَعَلَى هَذَا فَالْوَاجِبُ هُوَ الرِّزْقُ وَالْكِسْوَةُ بِالْمَعْرُوفِ فِي النَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَصِفَةِ الْإِنْفَاقِ. وَإِنْ كَانَ الْعُلَمَاءُ قَدْ تَنَازَعُوا فِي ذَلِكَ. أَمَّا " النَّوْعُ " فَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يُعْطِيَهَا مَكِيلًا كَالْبُرِّ وَلَا مَوْزُونًا كَالْخُبْزِ وَلَا ثَمَنَ ذَلِكَ كَالدَّرَاهِمِ؛ بَلْ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ. فَإِذَا أَعْطَاهَا كِفَايَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عَادَتُهُمْ أَكْلَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ فَيُعْطِيَهَا ذَلِكَ.