للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ. فَلِهَذَا كَانَ أَهْل الْعِلْمِ يَخْتَارُونَ فِيمَنْ عُرِفَ بِالظُّلْمِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ لَهُ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ فِي الظَّاهِرِ - كَالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَأَمْثَالِهِ - أَنَّهُمْ لَا يَلْعَنُونَ أَحَدًا مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ؛ بَلْ يَقُولُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} فَيَلْعَنُونَ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَامًّا. كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَبَائِعَهَا وَمُشْتَرِيهَا وَسَاقِيَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا} وَلَا يَلْعَنُونَ الْمُعَيَّنَ. كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ: {أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُدْعَى حِمَارًا وَكَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِدُهُ. فَأُتِيَ بِهِ مَرَّةً. فَلَعَنَهُ رَجُلٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلْعَنْهُ. فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} . وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّعْنَةَ مِنْ بَابِ الْوَعِيدِ وَالْوَعِيدُ الْعَامُّ لَا يُقْطَعُ بِهِ لِلشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ لِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ: مِنْ تَوْبَةٍ أَوْ حَسَنَاتٍ مَاحِيَةٍ أَوْ مَصَائِبَ مُكَفِّرَةٍ أَوْ شَفَاعَةٍ مَقْبُولَةٍ. وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَطَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ يَلْعَنُونَ الْمُعَيَّنَ كيزيد. وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءِ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ بَلْ نُحِبُّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيمَانِ الَّذِي أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُوَالِيَ عَلَيْهِ. إذْ لَيْسَ كَافِرًا. وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْأُمَّةِ: أَنَّا لَا نَلْعَنُ مُعَيَّنًا مُطْلَقًا. وَلَا نُحِبُّ مُعَيَّنًا مُطْلَقًا