فَإِنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَكُونُ فِيهِ سَبَبُ هَذَا وَسَبَبُ هَذَا إذَا اجْتَمَعَ فِيهِ مِنْ حُبِّ الْأَمْرَيْنِ. إذْ كَانَ مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّتِي فَارَقُوا بِهَا الْخَوَارِجَ: أَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ تَجْتَمِعُ فِيهِ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ فَيُثَابُ عَلَى حَسَنَاتِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ. وَيُحْمَدُ عَلَى حَسَنَاتِهِ وَيُذَمُّ عَلَى سَيِّئَاتِهِ. وَأَنَّهُ مِنْ وَجْهٍ مَرْضِيٌّ مَحْبُوبٌ وَمِنْ وَجْهٍ بَغِيضٌ مَسْخُوطٌ. فَلِهَذَا كَانَ لِأَهْلِ الْإِحْدَاثِ: هَذَا الْحُكْمُ. وَأَمَّا أَهْلُ التَّأْوِيلِ الْمَحْضِ الَّذِينَ يَسُوغُ تَأْوِيلُهُمْ: فَأُولَئِكَ مُجْتَهِدُونَ مُخْطِئُونَ: خَطَؤُهُمْ مَغْفُورٌ لَهُمْ وَهُمْ مُثَابُونَ عَلَى مَا أَحْسَنُوا فِيهِ مِنْ حُسْنِ قَصْدِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ. وَإِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ} . وَلِهَذَا كَانَ الْكَلَامُ فِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَمَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ كَعُثْمَانِ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَنَحْوِهِمْ: لَهُ هَذَا الْحُكْمُ. بَلْ وَمَنْ هُوَ دُونَ هَؤُلَاءِ الْأَكَابِرِ أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute