أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ} . وَاللَّعْنَةُ أَعْظَمُ مِنْ السَّبِّ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ} فَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعْنَ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ. وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِيَارُ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: {خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْت فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ} وَكُلُّ مَنْ رَأَى رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنًا بَهْ فَلَهُ مِنْ الصُّحْبَةِ بِقَدْرِ ذَلِك، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَغْزُو جَيْشٌ، فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ. ثُمَّ يَغْزُو جَيْشٌ فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُونَ، نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ، وَذَكَرَ الطَّبَقَةَ الثَّالِثَةَ} فَعَلَّقَ الْحُكْمَ بِرُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا عَلَّقَهُ بِصُحْبَتِهِ. وَلَمَّا كَانَ لَفْظُ " الصُّحْبَةِ " فِيهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ: كَانَ مَنْ اخْتَصَّ مِنْ الصَّحَابَةِ بِمَا يَتَمَيَّزُ بَهْ عَنْ غَيْرِهِ يُوصَفُ بِتِلْكَ الصُّحْبَةِ، دُونَ مَنْ لَمْ يُشْرِكْهُ فِيهَا، {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لَمَّا اخْتَصَمَ هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَا خَالِدُ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ} فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ هُوَ وَأَمْثَالُهُ مِنْ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا قَبْلَ الْفَتْحِ فَتْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنْفَقُوا وَقَاتَلُوا دُونَ أُولَئِكَ، قَالَ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute