للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالماليخوليا؛ وَلِهَذَا قِيلَ فِيهِ هُوَ مَرَضٌ وَسْوَاسِيٌّ شَبِيهٌ بالماليخوليا وَإِمَّا مِنْ أَمْرَاضِ الْبَدَنِ كَالضَّعْفِ وَالنُّحُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا " مَرَضُ الْقَلْبِ " فَإِنَّهُ أَصْلُ مَحَبَّةِ النَّفْسِ لِمَا يَضُرُّهَا كَالْمَرِيضِ الْبَدَنِ الَّذِي يَشْتَهِي مَا يَضُرُّهُ وَإِذَا لَمْ يُطْعَمْ ذَلِكَ تَأَلَّمَ وَإِنْ أُطْعِمَ ذَلِكَ قَوِيَ بِهِ الْمَرَضُ وَزَادَ. كَذَلِكَ الْعَاشِقُ يَضُرُّهُ اتِّصَالُهُ بِالْمَعْشُوقِ مُشَاهَدَةً وَمُلَامَسَةً وَسَمَاعًا بَلْ وَيَضُرُّهُ التَّفَكُّرُ فِيهِ وَالتَّخَيُّلُ لَهُ وَهُوَ يَشْتَهِي ذَلِكَ فَإِنْ مُنِعَ مِنْ مُشْتَهَاهُ تَأَلَّمَ وَتَعَذَّبَ وَإِنْ أُعْطِيَ مُشْتَهَاهُ قَوِيَ مَرَضُهُ وَكَانَ سَبَبًا لِزِيَادَةِ الْأَلَمِ. وَفِي الْحَدِيثِ: {أَنَّ اللَّهَ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الدُّنْيَا كَمَا يَحْمِي أَحَدُكُمْ مَرِيضَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ} وَفِي مُنَاجَاةِ مُوسَى الْمَأْثُورَةِ عَنْ وَهْبٍ الَّتِي رَوَاهَا الْإِمَامُ أَحْمَد فِي (كِتَابِ الزُّهْدِ " {يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إنِّي لَأَذُودُ أَوْلِيَائِي عَنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَرَخَائِهَا كَمَا يَذُودُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ إبِلَهُ عَنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ. وَإِنِّي لَأُجَنِّبُهُمْ سُكُونَهَا وَعَيْشَهَا كَمَا يُجَنِّبُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ إبِلَهُ عَنْ مَبَارِكِ الْغِرَّةِ وَمَا ذَلِكَ لِهَوَانِهِمْ عَلَيَّ وَلَكِنْ لِيَسْتَكْمِلُوا نَصِيبَهُمْ مِنْ كَرَامَتِي سَالِمًا مُوَفَّرًا لَمْ تُكَلِّمْهُ الدُّنْيَا وَلَمْ يُطْفِئْهُ الْهَوَى} . وَإِنَّمَا شِفَاءُ الْمَرِيضِ بِزَوَالِ مَرَضِهِ بَلْ بِزَوَالِ ذَلِكَ الْحُبِّ الْمَذْمُومِ مِنْ قَلْبِهِ. وَالنَّاسُ فِي الْعِشْقِ عَلَى قَوْلَيْنِ: