كَقَوْلِهِ: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّنَاوُلِ فَلَوْ كَانَ التَّقْدِيرُ: كُلُّ مَعْدُومٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ تَعَالَى مَعْدُومًا وَهَذَا أَبْطَلُ الْبَاطِلِ.
الثَّانِي: أَنَّ " كُلَّ شَيْءٍ " نَصٌّ فِي الْوُجُودِ لَا يَجُوزُ قَصْرُهَا عَلَى الْمَعْدُومَاتِ بِالِاتِّفَاقِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْمَعْدُومَ لَا يَدْخُلُ فِي لَفْظِ " كُلِّ شَيْءٍ " عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَعَامَّةِ الْعُقَلَاءِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ يَخْتَصُّ بِهِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَعْنَى: كُلُّ مَعْدُومٍ فَهُوَ بَاطِلٌ لَكَانَ هَذَا مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ بَلْ لَفْظُ " الْعَدَمِ " أَدَلُّ عَلَى النَّفْيِ مِنْ لَفْظِ الْبَاطِلِ. فَكَيْفَ يُبَيَّنُ الْجَلِيُّ بِالْخَفِيِّ؟ . الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ هَذَا لَقَالَ: " كُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ بَاطِلٌ " فَإِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَقْرَبُ إلَى احْتِمَالِ مُرَادِ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْعِبَارَةُ لَا تَدُلُّ أَيْضًا عَلَى مُرَادِهِمْ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ مَا ادَّعَوْهُ فَقَدْ عُرِفَ أَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ بِوَجْهَيْ الْبَاطِلِ اللَّذَيْنِ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُمَا.
أَحَدُهُمَا - وَهُوَ الْمَقْصُودُ النَّافِعُ. وَالْبَاطِلُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِي قَصْدِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ - إذَا كَانَ لَهُ الْقَصْدُ وَالْعَمَلُ - كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَالْأَمْرُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute