للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي خَاصَّةِ أَصْحَابِ الرُّسُلِ مَنْ يُمْكِنُهُمْ فَهْمُ ذَلِكَ: جَعَلُوا السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ دُونَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ. وَهَذَا مِنْ مَقَالَاتِ الزَّنَادِقَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ بَعْضَ الْأُمَمِ الْأَوَائِلِ مِنْ الْيُونَانِ وَالْهِنْدِ وَنَحْوِهِمْ أَكْمَلَ عَقْلًا وَتَحْقِيقًا لِلْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ وَلِلْعِبَادِيَّةِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. فَهَذَا مِنْ مَقَالَاتِ الْمُنَافِقِينَ الزَّنَادِقَةِ؛ إذْ الْمُسْلِمُونَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ خَيْرُ الْأُمَمِ وَأَكْمَلُهُمْ وَأَنَّ أَكْمَلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَفْضَلَهَا هُمْ سَابِقُوهَا.

وَإِذَا سَلِمَ ذَلِكَ فَأَعْلَمُ النَّاسِ بِالسَّابِقِينَ وَأَتْبَعُهُمْ لَهُمْ: هُمْ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَأَهْلُ السُّنَّةِ. وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِسَالَةِ عبدوس بْنِ مَالِكٍ: " أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا: التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ وَتَرْكُ الْبِدَعِ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ. وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا: آثَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَهِيَ دَلَائِلُ الْقُرْآنِ أَيْ دَلَالَاتٌ عَلَى مَعْنَاهُ.

وَلِهَذَا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ: أَنَّ الرَّفْضَ أَسَاسُ الزَّنْدَقَةِ وَأَنَّ أَوَّلَ مَنْ ابْتَدَعَ الرَّفْضَ إنَّمَا كَانَ مُنَافِقًا زِنْدِيقًا وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَأٍ فَإِنَّهُ إذَا قَدَحَ فِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ فَقَدْ قَدَحَ فِي نَقْلِ الرِّسَالَةِ أَوْ فِي فَهْمِهَا أَوْ فِي اتِّبَاعِهَا. فَالرَّافِضَةُ تَقْدَحُ تَارَةً فِي عِلْمِهِمْ بِهَا وَتَارَةً فِي اتِّبَاعِهِمْ لَهَا - وَتُحِيلُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَعَلَى الْمَعْصُومِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وُجُودٌ فِي الْوُجُودِ. وَالزَّنَادِقَةُ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَالْنُصَيْرِيَّة وَغَيْرِهِمْ: يَقْدَحُونَ تَارَةً فِي النَّقْلِ: وَهُوَ