فِي الرَّدِّ عَلَى الْحَنَابِلَةِ كَمَا ذَكَرَ هَذَا وَإِنَّمَا رَدَّ بِهِ - فِيمَا ادَّعَاهُ - عَلَى بَعْضِهِمْ. وَقَصْدَ أَبا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبا يَعْلَى وَشَيْخِهِ أَبا الْحَسَنِ بْنِ الزَّاغُونِي وَمَنْ تَبِعَهُمْ؛ وَإِلَّا فَجِنْسُ الْحَنَابِلَةِ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَبُو الْفَرَجِ لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَلَا حَكَى عَنْهُمْ مَا أَنْكَرَهُ؛ بَلْ هُوَ يَحْتَجُّ فِي مُخَالَفَتِهِ لِهَؤُلَاءِ بِكَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْحَنْبَلِيَّةِ كَمَا يَذْكُرُهُ مِنْ كَلَامِ التَّمِيمِيِّينَ. مِثْلَ رِزْقِ اللَّهِ التَّمِيمِيِّ وَأَبِي الوفا بْنِ عَقِيلٍ. وَرِزْقُ اللَّهِ كَانَ يَمِيلُ إلَى طَرِيقَةِ سَلَفِهِ كَجَدِّهِ أَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ وَعَمِّهِ أَبِي الْفَضْلِ التَّمِيمِيِّ وَالشَّرِيفِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي مُوسَى هُوَ صَاحِبُ أَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ وَقَدْ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " لَقَدْ خري الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى عَلَى الْحَنَابِلَةِ خرية لَا يَغْسِلُهَا الْمَاءُ " وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى هَذَا بِمَا يُيَسِّرُهُ اللَّهُ مُتَحَرِّينَ لِلْكَلَامِ بِعِلْمِ وَعَدْلٍ. وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ: فَمَا زَالَ فِي الْحَنْبَلِيَّةِ مَنْ يَكُونُ مَيْلُهُ إلَى نَوْعٍ مِنْ الْإِثْبَاتِ الَّذِي يَنْفِيهِ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ يُمْسِكُ عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ جَمِيعًا. فَفِيهِمْ جِنْسُ التَّنَازُعِ الْمَوْجُودِ فِي سَائِرِ الطَّوَائِفِ لَكِنَّ نِزَاعَهُمْ فِي مَسَائِلِ الدَّقِّ؛ وَأَمَّا الْأُصُولُ الْكِبَارُ فَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَيْهَا وَلِهَذَا كَانُوا أَقَلَّ الطَّوَائِفِ تَنَازُعًا وَافْتِرَاقًا لِكَثْرَةِ اعْتِصَامِهِمْ بِالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي بَابِ أُصُولِ الدِّينِ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُبَيِّنَةِ لِمَا تَنَازَعَ فِيهِ النَّاسُ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ. وَأَقْوَالُهُ مُؤَيَّدَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاتِّبَاعِ سَبِيلِ السَّلَفِ الطَّيِّبِ. وَلِهَذَا كَانَ جَمِيعُ مَنْ يَنْتَحِلُ السُّنَّةَ مِنْ طَوَائِفِ الْأُمَّةِ - فُقَهَائِهَا وَمُتَكَلِّمَتِهَا وَصُوفِيَّتِهَا - يَنْتَحِلُونَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute