للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَذَلِكَ بَلْ لَفْظُ السَّرَاحِ وَالْفِرَاقِ فِي الْقُرْآنِ مُسْتَعْمَلٌ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} فَأَمَرَ بِتَسْرِيحِهِنَّ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ لَا رَجْعَةَ فِيهِ وَلَيْسَ التَّسْرِيحُ هُنَا تَطْلِيقًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} فَلَفْظُ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الطَّلَاقَ فَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ارْتِجَاعِهَا وَبَيْنَ تَخْلِيَةِ سَبِيلِهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَاقٍ ثَانٍ. وَأَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ اللَّفْظِ صَرِيحًا فِي خِطَابِ الشَّارِعِ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا فِي خِطَابِ كُلِّ مَنْ يَتَكَلَّمُ. وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إنَّ الْإِجَارَةَ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ إنْ أَرَادَ بِهِ الْبَيْعَ الْخَاصَّ - وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ لَفْظِ الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ - فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ ذَاكَ إنَّمَا يَنْعَقِدُ عَلَى أَعْيَانٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَضْمُونَةٍ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا نَوْعٌ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ الْعَامَّةِ الَّتِي تَتَنَاوَلُ الْعَقْدَ عَلَى الْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ: فَهَذَا صَحِيحٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ؛ إنَّ الْمُعَاوَضَةَ الْعَامَّةَ لَا تَكُونُ عَلَى مَعْدُومِ دَعْوَى مُجَرَّدَةٍ بَلْ دَعْوَى كَاذِبَةٍ فَإِنَّ الشَّارِعَ جَوَّزَ الْمُعَاوَضَةَ الْعَامَّةَ عَلَى الْمَعْدُومِ. وَإِنْ قَاسَ بَيْعَ الْمَنَافِعِ