حُكْمُهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَالنِّيَّةُ بَاطِنٌ وَالنِّكَاحُ مُفْتَقِرٌ إلَى شَهَادَةٍ وَالشَّهَادَةُ إنَّمَا تَقَعُ عَلَى السَّمْعِ فَهَذَا أَصْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الَّذِينَ خَصُّوا عَقْدَ النِّكَاحِ بِاللَّفْظَيْنِ. وَابْنُ حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَافَقُوهُمْ لَكِنَّ أُصُولَ أَحْمَدَ وَنُصُوصَهُ تُخَالِفُ هَذَا؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ بَاطِلَةٌ عَلَى أَصْلِهِ. أَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: مَا سِوَى هَذَيْنِ كِنَايَةٌ فَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ أَنْ لَوْ كَانَتْ أَلْفَاظُ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ ثَابِتَةً بِعُرْفِ الشَّرْعِ كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ كالخرقي وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ الصَّرِيحَ فِي الطَّلَاقِ هُوَ الطَّلَاقُ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ لِمَجِيءِ الْقُرْآنِ بِذَلِكَ. فَأَمَّا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا؛ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ كَأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمْ؛ فَلَا يُوَافِقُونَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الصَّرِيحُ هُوَ لَفْظُ الطَّلَاقِ فَقَطْ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ حَامِدٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ الصَّرِيحُ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ كَمَا يَذْكُرُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ: كِلَا الْمُقَدِّمَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ تَلِيهِ مُقَدِّمَةٌ بَاطِلَةٌ.
أَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ صَرِيحَةٌ فِي خِطَابِ الشَّارِعِ فَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute