للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسُئِلَ:

عَنْ امْرَأَةٍ دَايَنَتْ زَوْجَهَا ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: إنِّي أَخَافُ أَنَّك لَا تُوَفِّينِي. فَقَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُوَفِّيك إلَى آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ هَذَا وَإِلَّا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَالزَّوْجُ غَائِبٌ فِي قوص وَمَا وَكَّلَ أَحَدًا: فَهَلْ إذَا أَبْرَأَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مِنْ الدِّينِ وَمَضَى الشَّهْرُ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ وَإِذَا تَبَرَّعَ أَحَدٌ (بِقَضَاءِ الدَّيْنِ: فَهَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ؟ أَوْ يَقَعُ؟

فَأَجَابَ:

أَمَّا إذَا أَبْرَأَتْهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَوْلٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ؛ لِوَجْهَيْنِ: " أَحَدِهِمَا " أَنَّهُ بِالْإِبْرَاءِ تَعَذَّرَ الْوَفَاءُ فَصَارَ الْإِيفَاءُ مُمْتَنِعًا. " الثَّانِي " أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَى فِعْلِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَأْمُورِ بِفِعْلِهِ؛ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْعَبْدَ إنَّمَا هُوَ مَأْمُورٌ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ مَا كَانَ ثَابِتًا؛ فَكَذَلِكَ الْيَمِينُ وَعُرْفُ النَّاسِ فَهَذَا كَهَذَا؛ فَإِنَّ الْحَالِفَ إنَّمَا يَقْصِدُ بِهَذَا فِي الْعَادَةِ تَبْرِئَةَ ذِمَّتِهِ وَقَطْعَ مُطَالَبَةِ الْغَرِيمِ لَهُ وَوَفَاءَهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَاقِيًا. وَكَذَلِكَ إذَا وَفَى الدَّيْنَ عَنْهُ مُوَفٍّ: فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ؛ كَمَا يَبْرَأُ بِالْإِبْرَاءِ وَتَعَذَّرَ الْإِيفَاءُ مِنْ جِهَتِهِ وَحَصَلَ مَقْصُودُ الْغَرِيمِ فَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَاءَ الدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ كَقَضَائِهِ حَيْثُ قَالَ: {أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيك} وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ {عَلَى أُمِّك دَيْنٌ فقضيتيه عَنْهَا أَكَانَ يُجْزِئُ عَنْهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ} وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.