للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَلَبَ عَلَى الرُّومِ الْقُوَّةُ الشهوية مِنْ الطَّعَامِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِمَا وَاشْتُقَّ اسْمُهَا مِنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُمْ الرُّومُ فَإِنَّهُ يُقَالُ: رُمْت هَذَا أَرُومُهُ إذَا طَلَبْته وَاشْتَهَيْته. وَغَلَبَ عَلَى الْفُرْسِ الْقُوَّةُ الْغَضَبِيَّةُ مِنْ الدَّفْعِ وَالْمَنْعِ وَالِاسْتِعْلَاءِ وَالرِّيَاسَةِ وَاشْتُقَّ اسْمُهَا مِنْ ذَلِكَ فَقِيلَ فُرْسٌ كَمَا يُقَالُ فَرَسَهُ يَفْرِسُهُ إذَا قَهَرَهُ وَغَلَبَهُ. وَلِهَذَا تُوجَدُ هَذِهِ الصِّفَاتُ الثَّلَاثُ غَالِبَةً عَلَى الْأُمَمِ الثَّلَاثِ حَاضِرَتِهَا وَبَادِيَتِهَا؛ وَلِهَذَا كَانَتْ الْعَرَبُ أَفْضَلَ الْأُمَمِ وَتَلِيهَا الْفُرْسُ لِأَنَّ الْقُوَّةَ الدفعية أَرْفَعُ وَتَلِيهَا الرُّومُ.

فَصْلٌ:

وَبِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْقُوَى كَانَتْ الْفَضَائِلُ ثَلَاثًا: فَضِيلَةُ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ: الَّتِي هِيَ كَمَالُ الْقُوَّةِ الْمَنْطِقِيَّةِ وَفَضِيلَةُ الشَّجَاعَةِ الَّتِي هِيَ كَمَالُ الْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ وَكَمَالُ الشَّجَاعَةِ هُوَ الْحِلْمُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرْعَةِ وَإِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ} وَالْحِلْمُ وَالْكَرَمُ مَلْزُوزَانِ فِي قَرْنٍ كَمَا أَنَّ كَمَالَ الْقُوَّةِ الشهوية الْعِفَّةُ فَإِذَا كَانَ الْكَرِيمُ عَفِيفًا وَالسَّخِيُّ حَلِيمًا اعْتَدَلَ الْأَمْرُ. وَفَضِيلَةُ السَّخَاءِ وَالْجُودِ الَّتِي هِيَ كَمَالُ الْقُوَّةِ الطَّلَبِيَّةِ الحبية فَإِنَّ السَّخَاءَ يَصْدُرُ عَنْ اللِّينِ وَالسُّهُولَةِ وَرُطُوبَةِ الْخُلُقِ كَمَا تَصْدُرُ الشَّجَاعَةُ عَنْ