للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ النَّاسِ مَا يُعَرِّفُ ذَلِكَ بِدُونِ طَرِيقِهِمْ. وَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الشَّكْلَ الْأَوَّلَ مِنْ الْحَمْلِيَّاتِ يُغْنِي عَنْ جَمِيعِ صُوَرِ الْقِيَاسِ. وَتَصْوِيرُهُ فِطْرِيٌّ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعَلُّمِهِ مِنْهُمْ مَعَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَصَوُّرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَزْعُمُونَهُ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: الِاسْتِدْلَالُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُقَدِّمَتَيْنِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ فَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ طَرْدًا وَعَكْسًا وَذَلِكَ أَنَّ احْتِيَاجَ الْمُسْتَدِلِّ إلَى الْمُقَدِّمَاتِ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ حَالُ النَّاسِ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَّا إلَى مُقَدِّمَةٍ وَاحِدَةٍ لِعِلْمِهِ بِمَا سِوَى ذَلِكَ. كَمَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْتَاجُ فِي عِلْمِهِ بِذَلِكَ إلَى اسْتِدْلَالٍ بَلْ قَدْ يَعْلَمُهُ بِالضَّرُورَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى مُقَدِّمَتَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى أَرْبَعٍ وَأَكْثَرَ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ هَذَا الْمُسْكِرَ الْمُعَيَّنَ مُحَرَّمٌ. فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ مُحَرَّمٌ وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُ هَلْ هَذَا الْمُسْكِرُ الْمُعَيَّنُ يُسْكِرُ أَمْ لَا لَمْ يَحْتَجْ إلَّا إلَى مُقَدِّمَةٍ وَاحِدَةٍ. وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ هَذَا مُسْكِرٌ فَإِذَا قِيلَ لَهُ هَذَا حَرَامٌ فَقَالَ مَا الدَّلِيلُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ الْمُسْتَدِلُّ: الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ مُسْكِرٌ تَمَّ الْمَطْلُوبُ. وَكَذَلِكَ لَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْأَشْرِبَةِ: هَلْ هُوَ مُسْكِرٌ أَمْ لَا؟