وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَقْبَرَةَ وَأَعْطَانَ الْإِبِلِ تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَإِنْ دَخَلَ فِي الْمَنْعِ إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ: لَفْظُ الْحَمَّامِ يَعُمُّ هَذَا كُلَّهُ وَلَا يُعْرَفُ حَمَّامٌ لَيْسَ فِيهَا هَذَا الْمَكَانُ (١).
وَتُخْلَعُ فِيهِ الثِّيَابُ هَذِهِ هِيَ الْحَمَّامَاتُ الْمَعْرُوفَةُ وَالْحَمَّامَاتُ الْمَوْجُودَةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي يَتَنَاوَلُهَا لَفْظُ الِاسْتِثْنَاءِ (٢).
الشَّيَاطِين يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ. كَمَا أَنَّ صَحْنَ الْمَسْجِدِ هُوَ تَبَعٌ لِلْمَسْجِدِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِيهَا كَالْكَلَامِ فِي رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ الرَّحَبَةَ الْخَارِجَةَ عَنْ سُورِ الْمَسْجِدِ غَيْرُ الرَّحَبَةِ الَّتِي هِيَ صَحْنٌ مَكْشُوفٌ بِجَانِبِ الْمَسْقُوفِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْمُعَدِّ لِلصَّلَاةِ فَهَذَا الثَّانِي نِسْبَتُهُ إلَيْهِ تُشْبِهُ نِسْبَةَ خَارِجِ الْحَمَّامِ إلَى دَاخِلِهِ. وَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا فَنَقُولُ: إنَّمَا تَكُونُ الْحُجَّةُ أَنْ لَوْ عُلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاءَهُ أَمْكَنَهُمْ دُخُولُهُ فَلَمْ يَدْخُلُوهُ وَإِلَّا فَإِذَا اُحْتُمِلَ مَعَ الْإِمْكَانِ الدُّخُولُ وَعَدَمُهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ. وَأَمَّا الصَّحَابَةُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا وَكَانَ يَقُولُ: هِيَ مِمَّا أَحْدَثَ النَّاسُ مِنْ رَقِيقِ الْعَيْشِ وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى مَا أَحْدَثَهُ النَّاسُ مِنْ أَنْوَاعِ الْفُضُولِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ وَبِهَذَا اقْتَدَى أَحْمَد. وَهَذَا تَرْكٌ لَهَا مِنْ
(١، ٢) خرم بالأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute