للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: " ثُمَّ أَرَدْت - وَوَافَقَ مُرَادِي سُؤَالُ بَعْضِ الْإِخْوَانِ - أَنْ أَذْكُرَ خُلَاصَةَ مناصيصهم مُتَضَمِّنَةً بَعْضَ أَلْفَاظِهِمْ. فَإِنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْحِفْظِ وَهِيَ اللُّبَابُ لِمَا يَنْطَوِي عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَاسْتَعَنْت بِمَنْ عَلَيْهِ التكلان وَقُلْت: إنَّ الَّذِي آثَرْنَاهُ مِنْ مناصيصهم يَجْمَعُهُ فَصْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: فِي بَيَانِ السُّنَّةِ وَفَضْلِهَا. وَالثَّانِي: فِي هِجْرَانِ الْبِدْعَةِ وَأَهْلِهَا.

أَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فَاعْلَمْ أَنَّ " السُّنَّةَ " طَرِيقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّسَنُّنُ بِسُلُوكِهَا وَإِصَابَتُهَا وَهِيَ " أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ ": أَقْوَالٌ وَأَعْمَالٌ وَعَقَائِدُ. فَالْأَقْوَالُ: نَحْوُ الْأَذْكَارِ وَالتَّسْبِيحَاتِ الْمَأْثُورَةِ. وَالْأَفْعَالُ: مِثْلُ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَنَحْوِ السِّيَرِ الْمَرْضِيَّةِ وَالْآدَابِ الْمَحْكِيَّةِ فَهَذَانِ الْقِسْمَانِ فِي عِدَادِ التَّأْكِيدِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَاكْتِسَابِ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: سُنَّةُ الْعَقَائِدِ وَهِيَ مِنْ الْإِيمَانِ إحْدَى الْقَوَاعِدِ ". قَالَ: " وَهَا أَنَا ذَا أَذْكُرُ بِعَوْنِ اللَّهِ خُلَاصَةَ مَا نَقَلْته عَنْهُمْ مُفَرَّقًا وَأُضِيفُ إلَيْهِ مَا دُوِّنَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ مِمَّا لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْهُمْ مُطْلَقًا وَأُرَتِّبُهَا مُرَشَّحَةً وَبِبَعْضِ مناصيصهم مُوَشَّحَةً بِأَوْجَزِ لَفْظٍ عَلَى قَدْرٍ وَسَعْيٍ لِيَسْهُلَ حِفْظُهُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَعِيَ فَأَقُولُ: لِيَعْلَمَ الْمُسْتَنُّ أَنَّ سُنَّةَ الْعَقَائِدِ عَلَى " ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ ": ضَرْبٌ يَتَعَلَّقُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ. وَضَرْبٌ يَتَعَلَّقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحْبِهِ وَمُعْجِزَاتِهِ وَضَرْبٌ يَتَعَلَّقُ بِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي أُولَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ.