للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَصْلُ جَهْمٍ فِي " الْإِيمَانِ " تَضَمَّنَ غَلَطًا مِنْ وُجُوهٍ:

مِنْهَا ظَنُّهُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ وَمَعْرِفَتِهِ بِدُونِ أَعْمَالِ الْقَلْبِ: كَحُبِّ اللَّهِ وَخَشْيَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. و (مِنْهَا ظَنُّهُ ثُبُوتَ إيمَانٍ قَائِمٍ فِي الْقَلْبِ بِدُونِ شَيْءٍ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ.

وَمِنْهَا ظَنُّهُ أَنَّ مَنْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِكُفْرِهِ وَخُلُودِهِ فِي النَّارِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنْ التَّصْدِيقِ وَجَزَمُوا بِأَنَّ إبْلِيسَ وَفِرْعَوْنَ وَالْيَهُودَ وَنَحْوَهُمْ لَمْ يَكُنْ فِي قُلُوبِهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا كَلَامُهُمْ فِي الْإِرَادَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْحُبِّ وَالْبُغْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ إذَا كَانَتْ هَمًّا وَحَدِيثَ نَفْسٍ فَإِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهَا وَإِذَا صَارَتْ إرَادَةً جَازِمَةً وَحُبًّا وَبُغْضًا لَزِمَ وُجُودُ الْفِعْلِ وَوُقُوعُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُقَدِّرَ وُجُودَهَا مُجَرَّدَةً. ثُمَّ يَقُولُ: لَيْسَ فِيهَا إثْمٌ وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْجَوَابُ عَنْ حُجَّةِ السَّائِلِ. فَإِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُثِيبُ عَلَى مَحَبَّتِهِ وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ وَالْحُبِّ فِيهِ وَالْبُغْضِ فِيهِ وَيُعَاقِبُ عَلَى بُغْضِهِ وَبُغْضِ رَسُولِهِ وَبُغْضِ أَوْلِيَائِهِ وَعَلَى مَحَبَّةِ الْأَنْدَادِ مِنْ دُونِهِ وَمَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْمَحَبَّةِ مِنْ الْإِرَادَاتِ