للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: وَعَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ مَا يُخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ مِنْ الْعُقُوبَةِ بِالْإِمْسَاكِ فِي الْبُيُوتِ إلَى الْمَمَاتِ أَوْ إلَى جَعْلِ السَّبِيلِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَعُمُّ الصِّنْفَيْنِ فَقَالَ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} فَإِنَّ الْأَذَى يَتَنَاوَلُ الصِّنْفَيْنِ وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ فَيُخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ فَالنِّسَاءُ يُؤْذَيْنَ وَيُحْبَسْنَ بِخِلَافِ الرِّجَالِ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ فِيهِمْ بِالْحَبْسِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يَجِبُ أَنْ تُصَانَ وَتُحْفَظَ بِمَا لَا يَجِبُ مِثْلُهُ فِي الرَّجُلِ وَلِهَذَا خُصَّتْ بِالِاحْتِجَابِ وَتَرْكِ إبْدَاءِ الزِّينَةِ وَتَرْكِ التَّبَرُّجِ فَيَجِبُ فِي حَقِّهَا الِاسْتِتَارُ بِاللِّبَاسِ وَالْبُيُوتِ مَا لَا يَجِبُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ. لِأَنَّ ظُهُورَ النِّسَاءِ سَبَبُ الْفِتْنَةِ وَالرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَيْهِنَّ. وَقَوْلُهُ {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} دَلَّ عَلَى شَيْئَيْنِ: عَلَى أَنَّ نِصَابَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْفَاحِشَةِ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى أَنَّ الشُّهَدَاءَ بِهَا عَلَى نِسَائِنَا يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا مِنَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْكُفَّارِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَفِيهِ قَوْلَانِ عِنْدَ أَحْمَدَ: أَشْهَرُهُمَا عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَالثَّانِيَةُ أَنَّهَا تُقْبَلُ اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ مِلَّةٍ عَلَى أَهْلِ مِلَّةٍ إلَّا