للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَقُّ بِالنَّفْيِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِخْرَاجِهِ عَنْهُمْ؛ فَإِنَّ الْمُخَنَّثَ فِيهِ إفْسَادٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَشَبَّهَ بِالنِّسَاءِ فَقَدْ تُعَاشِرُهُ النِّسَاءُ وَيَتَعَلَّمْنَ مِنْهُ وَهُوَ رَجُلٌ فَيُفْسِدُهُنَّ وَلِأَنَّ الرِّجَالَ إذَا مَالُوا إلَيْهِ فَقَدْ يُعْرِضُونَ عَنْ النِّسَاءِ؛ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا رَأَتْ الرَّجُلَ يَتَخَنَّثُ فَقَدْ تَتَرَجَّلُ هِيَ وَتَتَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ فَتُعَاشِرُ الصِّنْفَيْنِ وَقَدْ تَخْتَارُ هِيَ مُجَامَعَةَ النِّسَاءِ كَمَا يَخْتَارُ هُوَ مُجَامَعَةَ الرِّجَالِ. وَأَمَّا إفْسَادُهُ لِلرِّجَالِ فَهُوَ أَنْ يُمَكِّنَهُمْ مِنْ الْفِعْلِ بِهِ - كَمَا يَفْعَلُ بِالنِّسَاءِ - بِمُشَاهَدَتِهِ وَمُبَاشَرَتِهِ وَعِشْقِهِ فَإِذَا أُخْرِجَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ وَسَافَرَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ سَاكِنٍ فِيهِ النَّاسُ وَوَجَدَ هُنَاكَ مَنْ يَفْعَلُ بِهِ الْفَاحِشَةَ فَهُنَا يَكُونُ نَفْيُهُ بِحَبْسِهِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ لَيْسَ مَعَهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَإِنْ خِيفَ خُرُوجُهُ فَإِنَّهُ يُقَيَّدُ إذْ هَذَا هُوَ مَعْنَى نَفْيِهِ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ.

وَلِهَذَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي نَفْيِ الْمُحَارَبِ مِنْ الْأَرْضِ هَلْ هُوَ طَرْدُهُ بِحَيْثُ لَا يَأْوِي فِي بَلَدٍ أَوْ حَبْسُهُ أَوْ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ هَذَا وَهَذَا فَفِي مَذْهَبِ أَحْمَد ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ الثَّالِثَةُ أَعْدَلُ وَأَحْسَنُ فَإِنَّ نَفْيَهُ بِحَيْثُ لَا يَأْوِي فِي بَلَدٍ لَا يُمْكِنُ لِتَفَرُّقِ الرَّعِيَّةِ وَاخْتِلَافِ هِمَمِهِمْ؛ بَلْ قَدْ يَكُونُ بِطَرْدِهِ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَحَبْسُهُ قَدْ لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ إلَى طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَحَارِسٍ؛ وَلَا رَيْبَ أَنَّ النَّفْيَ أَسْهَلُ إنْ أَمْكَنَ.