للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ مِنْهَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ اسْمِ الْوُجُودِ فِي الْحَوَادِثِ؛ وَإِمَّا خِلَافُهُ. فَالْأَوَّلُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مُسَمَّى الْوُجُودِ فِي الْوُجُودِ وَاجِبًا لِذَاتِهِ؛ ضَرُورَةَ أَنَّ وُجُودَ الْبَارِي وَاجِبٌ لِذَاتِهِ؛ أَوْ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ الرَّبِّ مُمْكِنًا؛ ضَرُورَةَ إمْكَانِ وُجُودِ مَا سِوَى اللَّهِ؛ وَهُوَ مُحَالٌ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ لَزِمَ مِنْهُ الِاشْتِرَاكُ؛ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. فَهَذَا فِي دَلِيلِهِ وَهُوَ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ؛ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ: عَلَى أَنَّ اسْمَ الْوُجُودِ حَقِيقَةٌ فِي الْوَاجِبِ وَالْمُمْكِنِ؛ وَأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ الِاشْتِرَاكَ. وَالْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ قَطْعًا. وَالْأُولَى فِيهَا نِزَاعٌ؛ خِلَافُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ. فَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: إنَّ كُلَّ اسْمٍ تَسَمَّى بِهِ الْمَخْلُوقُ لَا يُسَمَّى بِهِ الْخَالِقُ إلَّا مَجَازًا حَتَّى لَفْظِ الشَّيْءِ وَهُوَ قَوْلُ جَهْمٍ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْبَاطِنِيَّةِ وَهَؤُلَاءِ لَا يُسَمُّونَهُ مَوْجُودًا وَلَا شَيْئًا؛ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ عَكَسَ وَقَالَ: بَلْ كُلَّمَا يُسَمَّى بِهِ الرَّبُّ فَهُوَ حَقِيقَةٌ؛ وَمَجَازٌ فِي غَيْرِهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ النَّاشِي مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ.