للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدِّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَعُمَرُ} . فَالْمُحَدِّثُ الْمُلْهَمُ الْمُكَاشَفُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَزِنَ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنْ وَافَقَ ذَلِكَ صَدَّقَ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ وَإِنْ خَالَفَ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ، كَمَا كَانَ يَجِبُ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ سَيِّدُ الْمُحَدِّثِينَ إذَا أُلْقِيَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ وَكَانَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعْصُومًا وَإِنَّمَا الْعِصْمَةُ لِلنُّبُوَّةِ. وَلِهَذَا كَانَ الصِّدِّيقُ أَفْضَلَ مِنْ عُمَرَ فَإِنَّ الصِّدِّيقَ لَا يَتَلَقَّى مِنْ قَلْبِهِ بَلْ مِنْ مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ وَهِيَ مَعْصُومَةٌ وَالْمُحَدِّثُ يَتَلَقَّى تَارَةً عَنْ قَلْبِهِ وَتَارَةً عَنْ النُّبُوَّةِ فَمَا تَلَقَّاهُ عَنْ النُّبُوَّةِ فَهُوَ مَعْصُومٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَمَا أُلْهِمَ فِي قَلْبِهِ: فَإِنْ وَافَقَ مَا جَاءَتْ بِهِ النُّبُوَّةُ فَهُوَ حَقٌّ وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ. فَلِهَذَا لَا يَعْتَمِدُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ فِي مِثْلِ مَسَائِلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ إلَّا عَلَى نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ شَوَاهِدُ وَبَيِّنَاتٌ مِمَّا شَاهَدُوهُ وَوَجَدُوهُ وَمِمَّا عَقَلُوهُ وَعَمِلُوهُ وَذَلِكَ يَنْتَفِعُونَ بِهِ هُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمَّا حُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فَهُمْ رُسُلُهُ وَإِلَّا فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ فِيهَا مِنْ الدَّلَائِلِ وَالِاعْتِبَارَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالشَّوَاهِدِ