للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِلَى سَاعَتِي هَذِهِ مَا عَلِمْت قَوْلًا قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ إلَّا وَكَانَ الْقِيَاسُ مَعَهُ لَكِنَّ الْعِلْمَ بِصَحِيحِ الْقِيَاسِ وَفَاسِدِهِ مِنْ أَجَلِّ الْعُلُومِ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ خَبِيرًا بِأَسْرَارِ الشَّرْعِ وَمَقَاصِدِهِ؛ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ الْمَحَاسِنِ الَّتِي تَفُوقُ التَّعْدَادَ؛ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ مَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ؛ وَمَا فِيهَا مِنْ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ وَالرَّحْمَةِ السَّابِغَةِ؛ وَالْعَدْلِ التَّامِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (*)

هَلْ يَسُوغُ تَقْلِيدُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ: كَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَقَدْ قَالَ عَنْهُمْ رَجُلٌ - أَعْنِي هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةَ الْمَذْكُورِينَ - هَؤُلَاءِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِمْ. فَصَاحِبُ هَذَا الْكَلَامِ مَا حُكْمُهُ؟.

فَأَجَابَ: وَأَمَّا الْأَئِمَّةُ الْمَذْكُورُونَ فَمِنْ سَادَاتِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ؛ فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ إمَامُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَهُوَ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ أَجَلّ مِنْ أَقْرَانِهِ كَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ وَلَهُ مَذْهَبٌ بَاقٍ إلَى الْيَوْمِ بِأَرْضِ خُرَاسَانَ. وَالْأَوْزَاعِيُّ إمَامُ أَهْلِ الشَّامِ وَمَا زَالُوا عَلَى مَذْهَبِهِ إلَى الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ بَلْ أَهْلُ الْمَغْرِبِ كَانُوا عَلَى مَذْهَبِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ إلَيْهِمْ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ هُوَ شَيْخُ أَبِي حَنِيفَةَ.


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ١٧٢):
هنا أمران:
الأول: أن هذا الجواب مستل من سؤال أطول مذكور في: ٢٣/ ٣٩٣ - ٤٠٠.
الثاني: أن أصل السؤال كان عن صلاة الفذ خلف الصف، وهذا ما يبين بعض ما يلتبس هنا، كقوله: ٢٠/ ٥٨٤: (ومع هذا فهذا القول هو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهما. ومذهبه باق إلى اليوم وهو مذهب داود بن على وأصحابه. ومذهبهم باق إلى اليوم فلم يجمع الناس اليوم على خلاف هذا القول ; بل القائلون به كثير في المشرق والمغرب).
فالإشارة في قوله (فهذا الفعل) يعود إلى إبطال صلاة المنفرد خلف الصف.