الصِّبْيَانِ بِالْجَوْزِ. فَاَلَّذِينَ لَمْ يُحَرِّمُوا الشِّطْرَنْجَ كَطَائِفَةِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ اعْتَقَدُوا أَنَّ لَفْظَ " الْمَيْسِرِ " لَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا مَا كَانَ قِمَارًا؛ فَيَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ كَمَا يَحْرُمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ لَوْ أَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا السَّبْقَ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلٌ: حَرَّمُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُ قِمَارٌ. وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ آمِنٌ أَنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ؛ وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ بِقِمَارِ} {وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ بُيُوعَ الْغَرَرِ} لِأَنَّهَا مِنْ نَوْعِ الْقِمَارِ: مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ الْآبِقَ وَالْبَعِيرَ الشَّارِدَ؛ فَإِنْ وَجَدَهُ كَانَ قَدْ قَمَرَ الْبَائِعَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ قَمَرَهُ فَلَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ هَذِهِ الْمُغَالَبَاتِ إنَّمَا حُرِّمَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ لَمْ يُحَرِّمُوهَا إذَا خَلَتْ عَنْ الْعِوَضِ. وَلِهَذَا طَرَدَ هَذَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي " النَّرْدِ " فَلَمْ يُحَرِّمُوهَا إلَّا مَعَ الْعِوَضِ؛ لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَظَاهِرَ مَذْهَبِهِ تَحْرِيمُ النَّرْدَ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِوَضٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ: أَكْرَهُهَا؛ لِلْخَبَرِ. فَبَيَّنَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ الْخَبَرُ؛ لَا الْقِيَاسُ عِنْدَهُ. وَهَذَا مِمَّا احْتَجَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا حُرِّمَ النَّرْدُ وَلَا عِوَضَ فِيهَا فَالشِّطْرَنْجُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهَا فَلَيْسَ دُونَهَا. وَهَذَا يَعْرِفُهُ مَنْ خَبَرَ حَقِيقَةَ اللَّعِبِ بِهَا فَإِنَّ مَا فِي النَّرْدِ مِنْ الصَّدِّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ؛ وَمِنْ إيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ: هُوَ فِي الشِّطْرَنْجِ أَكْثَرُ بِلَا رَيْبٍ وَهِيَ تَفْعَلُ فِي النُّفُوسِ فِعْلَ حُمَيَّا الْكُؤُوسِ. فَتَصُدُّ عُقُولَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute