فَلَأَنْ يَكُونَ إيتَاءُ الْمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ وَاجِبًا فِي مَوَاضِعَ أَوْلَى وَأَحْرَى؛ بَلْ إيجَابُ الْمُعَاوَضَاتِ أَكْثَرُ مِنْ إيجَابِ التَّبَرُّعَاتِ وَأَكْبَرُ. فَهُوَ أَوْسَعُ مِنْهُ قَدْرًا وَصِفَةً. وَلَعَلَّ مَنْ اسْتَقْرَأَ الشَّرِيعَةَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ إذَا احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهَا بِلَا ضَرَرٍ يَزِيدُ عَلَى حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَتْ فَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ وَمَعَ حَاجَةِ رَبِّ الْمَالِ المكافية لِحَاجَةِ الْمُعْتَاضِ فَرَبُّ الْمَالِ أَوْلَى؛ فَإِنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ وَالرَّجُلُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. " وَابْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ ". وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ حَسَنَةٌ مُنَاسِبَةٌ وَلَهَا شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ. وَأَنَا أَذْكُرُ مِنْهَا بِتَيْسِيرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَجِمَاعُ الْمُعَاوَضَاتِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالِ: كَالْبَيْعِ. وَبَذْلُ مَالٍ بِنَفْعٍ كَالْجَعَالَةِ. وَبَذْلُ مَنْفَعَةٍ بِمَالٍ كَالْإِجَارَةِ وَبَذْلُ نَفْعٍ بِنَفْعٍ كَالْمُشَارَكَاتِ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ هَذَا بَذَلَ نَفْعَ بَدَنِهِ وَهَذَا بَذَلَ نَفْعَ مَالِهِ. وَكَالتَّعَاوُنِ وَالتَّنَاصُرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَبِالْجُمْلَةِ فَوُجُوبُ الْمُعَاوَضَاتِ مِنْ ضَرُورَةِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ؛ إذْ الْإِنْسَانُ لَا يَنْفَرِدُ بِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الِاسْتِعَانَةِ بِبَنِي جِنْسِهِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَى بَنِي آدَمَ أَنْ يَبْذُلَ هَذَا لِهَذَا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَهَذَا لِهَذَا مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute