للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَقْصِدَهُمْ صَارُوا يَكْرَهُونَ الْجَوَابَ أَوْ يُفَصِّلُونَ فِي الْجَوَابِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ لَفْظَ " الْإِيمَانِ " فِيهِ إطْلَاقٌ وَتَقْيِيدٌ فَكَانُوا يُجِيبُونَ بِالْإِيمَانِ الْمُقَيَّدِ الَّذِي لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ شَاهِدٌ فِيهِ لِنَفْسِهِ بِالْكَمَالِ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ إذَا أَرَادَ ذَلِكَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرِنَ كَلَامَهُ بِمَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْإِيمَانَ الْمُطْلَقَ الْكَامِلَ وَلِهَذَا كَانَ أَحْمَد يَكْرَهُ أَنْ يُجِيبَ عَلَى الْمُطْلَقِ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ يُقَدِّمُهُ. وَقَالَ المروذي: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ نَقُولُ: نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ؟ فَقَالَ نَقُولُ: نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ وَقَالَ أَيْضًا: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: نَقُولُ إنَّا مُؤْمِنُونَ؟ قَالَ: وَلَكِنْ نَقُولُ: إنَّا مُسْلِمُونَ؛ وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ تَرَكَ الِاسْتِثْنَاءَ إذَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ قَصْدَ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الْقَوْلِ بَلْ يَكْرَهُ تَرْكَهُ لِمَا يَعْلَمُ أَنَّ فِي قَلْبِهِ إيمَانًا وَإِنْ كَانَ لَا يَجْزِمُ بِكَمَالِ إيمَانِهِ؟ قَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْنُ أَصْرَمَ المزني أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: إذَا سَأَلَنِي الرَّجُلُ فَقَالَ: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ قَالَ سُؤَالُك إيَّايَ بِدْعَةٌ لَا يَشُكُّ فِي إيمَانِهِ أَوْ قَالَ لَا نَشُكُّ فِي إيمَانِنَا. قَالَ المزني: وَحِفْظِي أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَقُولُ كَمَا قَالَ طَاوُوسٌ: آمَنْت بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ.