للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَالْعَمَلُ الْفِعْلُ فَقَدْ جِئْنَا بِالْقَوْلِ وَنَخْشَى أَنْ نَكُونَ فَرَّطْنَا فِي الْعَمَلِ؛ فَيُعْجِبُنِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ فِي الْإِيمَانِ بِقَوْلِ: أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ: وَسَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ} الِاسْتِثْنَاءُ هَاهُنَا عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَقَعُ؟ قَالَ: عَلَى الْبِقَاعِ لَا يَدْرِي أَيُدْفَنُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي سَلَّمَ عَلَيْهِ أَمْ فِي غَيْرِهِ. [وَعَنْ الْمَيْمُونِيَّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِهِ وَرَأْيِهِ فِي: مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ: أَقُولُ: مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَمُؤْمِنٌ أَرْجُو لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ الْبَرَاءَةُ لِلْأَعْمَالِ عَلَى مَا اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ أَمْ لَا] (*). وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِ أَحْمَد وَأَمْثَالِهِ وَهَذَا مُطَابِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ الْمُطْلَقَ هُوَ الْقَائِمُ بِالْوَاجِبَاتِ الْمُسْتَحِقُّ لِلْجَنَّةِ إذَا مَاتَ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ الْمُفَرِّطَ بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ أَوْ فِعْلِ الْمَحْظُورِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ؛ وَأَنَّ الْمُؤْمِنَ الْمُطْلَقَ هُوَ الْبَرُّ التَّقِيُّ وَلِيُّ اللَّهِ فَإِذَا قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ قَطْعًا كَانَ كَقَوْلِهِ: أَنَا بَرٌّ تَقِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ قَطْعًا. وَقَدْ كَانَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ مَعَ هَذَا يَكْرَهُونَ سُؤَالَ الرَّجُلِ لِغَيْرِهِ: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ وَيَكْرَهُونَ الْجَوَابَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ أَحْدَثَهَا الْمُرْجِئَةُ لِيَحْتَجُّوا بِهَا لِقَوْلِهِمْ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَافِرِ؛ بَلْ يَجِدُ قَلْبَهُ مُصَدِّقًا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ فَيَقُولُ: أَنَا مُؤْمِنٌ فَيُثْبِتُ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ لِأَنَّك تَجْزِمُ بِأَنَّك مُؤْمِنٌ وَلَا تَجْزِمُ؛ بِأَنَّك فَعَلْت كُلَّ مَا أُمِرْت بِهِ؛ فَلَمَّا عَلِمَ السَّلَفُ


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٦٤):
وفي (السنة) للخلال ص ٦٠١ هذه الرواية عن الميموني بلفظ: (لأنه لا يدري كيف أداؤه للأعمال)، والذي يظهر أن (البراءة للأعمال) تصحيف، والله أعلم.