فَإِذَا قَالَ: هَذَا مُحْدَثٌ وَكُلُّ مُحْدَثٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ. إنَّمَا يَدُلُّ هَذَا عَلَى مُحْدَثٍ مُطْلَقٍ كُلِّيٍّ لَا يَمْنَعُ تَصَوُّرُهُ مِنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ وَإِنَّمَا تُعْلَمُ عَيْنُهُ بِعِلْمِ آخَرَ يَجْعَلُهُ اللَّهُ فِي الْقُلُوبِ. وَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِهَذَا؛ لِأَنَّ النَّتِيجَةَ لَا تَكُونُ أَبْلَغَ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْمُقَدِّمَاتُ فِيهَا قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ. وَالْكُلِّيُّ لَا يَدُلُّ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا يَذْكُرُهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ الْآيَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الْآيَةَ. إلَى غَيْرِ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الْمُعَيَّنِ كَالشَّمْسِ الَّتِي هِيَ آيَةُ النَّهَارِ. وَالدَّلِيلُ أَعَمُّ مِنْ الْقِيَاسِ؛ فَإِنَّ الدَّلِيلَ قَدْ يَكُونُ بِمُعَيَّنِ عَلَى مُعَيَّنٍ كَمَا يُسْتَدَلُّ بِالنَّجْمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكَوَاكِبِ عَلَى الْكَعْبَةِ فَالْآيَاتُ تَدُلُّ عَلَى نَفْسِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ لَا عَلَى قَدْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَإِنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ مُفْتَقِرٌ إلَيْهِ نَفْسُهُ فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ عَيْنِ الْخَالِقِ نَفْسِهِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْحَدَّ الْأَوْسَطَ الْمُكَرَّرَ فِي قِيَاسِ الشُّمُولِ وَهُوَ الْخَمْرُ مِنْ قَوْلِك: كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ هُوَ مَنَاطُ الْحُكْمِ فِي قِيَاسِ التَّمْثِيلِ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ الْجَامِعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فَالْقِيَاسَانِ مُتَلَازِمَانِ. كُلُّ مَا عُلِمَ بِهَذَا الْقِيَاسِ يُمْكِنُ عِلْمُهُ بِهَذَا الْقِيَاسِ. ثُمَّ إنْ كَانَ الدَّلِيلُ قَطْعِيًّا فَهُوَ قَطْعِيٌّ فِي الْقِيَاسَيْنِ أَوْ ظَنِّيًّا فَظَنِّيٌّ فِيهِمَا. وَأَمَّا دَعْوَى مَنْ يَدَّعِي مِنْ الْمَنْطِقِيِّينَ وَأَتْبَاعِهِمْ: أَنَّ الْيَقِينَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِقِيَاسِ الشُّمُولِ دُونَ قِيَاسِ التَّمْثِيلِ. فَهُوَ قَوْلٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ. وَهُوَ قَوْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute