للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْهُ فِي أُمُورٍ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ السَّمَاحَةِ وَالصَّبْرِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} وَفِي الْحَدِيثِ {أَفْضَلُ الْإِيمَانِ السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ} وَمِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. فَبِالْحِلْمِ يَعْفُو عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَبِالسَّمَاحَةِ يُوَصِّلُ إلَيْهِمْ الْمَنَافِعَ فَيَجْمَعُ جَلْبَ الْمَنْفَعَةِ وَدَفْعَ الْمَضَرَّةِ. فَأَمَّا الْإِمْسَاكُ عَنْ ظُلْمِهِمْ وَالْعَدْلُ عَلَيْهِمْ فَوُجُوبُ ذَلِكَ أَظْهَرُ مِنْ هَذَا فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

فِي مَرَاتِبِ الذُّنُوبِ أَمَّا مَرَاتِبُهَا فِي الْآخِرَةِ فَلَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا؛ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ هُنَا مَرَاتِبُهَا فِي الدُّنْيَا: فِي الذَّمِّ وَالْعِقَابِ. وَقَدْ ذَكَرْت فِيمَا قَبْلُ هَذَا أَنَّ الذُّنُوبَ الَّتِي فِيهَا ظُلْمُ الْغَيْرِ وَالْإِضْرَارُ بِهِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا أَعْظَمُ عُقُوبَةً فِي الدُّنْيَا مِمَّا لَمْ يَتَضَمَّنْ ضَرَرَ الْغَيْرِ؛ وَإِنْ كَانَ عُقُوبَةُ هَذَا فِي الْآخِرَةِ أَكْبَرَ كَمَا يُعَاقَبُ ذَوُو الْجَرَائِمِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَا لَا يُعَاقَبُ بِهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ الْكَافِرِينَ؛ وَإِنْ كَانَ الْكَافِرُ أَشَدَّ عَذَابًا فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْمُسْلِمِ. وَيُعَاقَبُ الثَّانِي عَلَى عَدَالَتِهِ مِثْلَ شَارِبِ النَّبِيذِ مُتَأَوِّلًا. وَالْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ بِمَا لَا يُعَاقَبُ بِهِ الْفَاسِقُ الْمُسْتَسِرُّ بِالذَّنْبِ. وَيُعَاقَبُ