للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ وَمَا يُعْبَدُ بِهِ فَالضَّالُّونَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَالنَّصَارَى وَأَشْبَاهِهِمْ لَهُمْ عِبَادَاتٌ وزهادات لَكِنْ لِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ وَالْإِرَادَةُ النَّافِعَةُ هُوَ إرَادَةُ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَهُوَ إنَّمَا يُعْبَدُ بِمَا شَرَعَ لَا بِالْبِدَعِ. وَعَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ يَدُورُ دِينُ الْإِسْلَامِ: عَلَى أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَأَنْ يَعْبُدَ بِمَا شَرَعَ وَلَا يَعْبُدَ بِالْبِدَعِ وَأَمَّا الْعِلْمُ وَالْمَعْرِفَةُ وَالتَّصَوُّفُ فَمَدَارُهَا عَلَى أَنْ يَعْرِفَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ وَيَعْرِفَ أَنَّ مَا أَخْبَرَ بِهِ حَقٌّ إمَّا لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ لَا يَقُولُ إلَّا حَقًّا وَهَذَا تَصْدِيقٌ عَامٌّ وَإِمَّا لِعِلْمِنَا بِأَنَّ ذَلِكَ الْخَبَرَ حَقٌّ بِمَا أَظْهَرَ اللَّهُ مِنْ آيَاتِ صِدْقِهِ فَإِنَّهُ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ وَأَرَى النَّاسَ آيَاتِهِ فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا " الْعَمَلِيَّاتُ " وَمَا يُسَمِّيه نَاسٌ: الْفُرُوعَ وَالشَّرْعَ وَالْفِقْهَ فَهَذَا قَدْ بَيَّنَهُ الرَّسُولُ أَحْسَنَ بَيَانٍ فَمَا شَيْءٌ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ أَوْ حَلَّلَهُ أَوْ حَرَّمَهُ إلَّا بَيْنَ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ