للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ {لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قَالَ: خَلَّتَانِ يُسْأَلُ عَنْهُمَا كُلُّ أَحَدٍ: مَاذَا كُنْت تَعْبُدُ؟ وَمَاذَا أَجَبْت الْمُرْسَلِينَ؟ فَالْأُولَى تَحْقِيقُ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَالثَّانِيَةُ تَحْقِيقُ الشَّهَادَةِ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. وَالصُّوفِيَّةُ بَنُو أَمْرَهُمْ عَلَى الْإِرَادَةِ وَلَا بُدَّ مِنْهَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ إرَادَةُ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ بِمَا أَمَرَ. والمتكلمون بَنَوْا أَمْرَهُمْ عَلَى النَّظَرِ الْمُقْتَضِي لِلْعِلْمِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عِلْمًا بِمَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّظَرُ فِي الْأَدِلَّةِ الَّتِي دَلَّ بِهَا الرَّسُولُ وَهِيَ آيَاتُ اللَّهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا وَهَذَا. وَمَنْ طَلَبَ عِلْمًا بِلَا إرَادَةٍ أَوْ إرَادَةً بِلَا عِلْمٍ فَهُوَ ضَالٌّ وَمَنْ طَلَبَ هَذَا وَهَذَا بِدُونِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ فِيهِمَا فَهُوَ ضَالٌّ بَلْ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ: الدِّينُ وَالْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ. وَأَهْلُ الْفِقْهِ فِي الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ وَأَهْلُ التَّصَوُّفِ وَالزُّهْدِ يَتَكَلَّمُونَ فِي قَصْدِ الْإِنْسَانِ وَإِرَادَتِهِ وَأَهْلُ النَّظَرِ وَالْكَلَامِ وَأَهْلُ الْعَقَائِدِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالتَّصْدِيقِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْإِرَادَةِ وَيَقُولُونَ: الْعِبَادَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَصْدِ وَالْقَصْدُ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ الْمَعْبُودِ وَهَذَا صَحِيحٌ