وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ} فَالْحُبُّ وَالْبُغْضُ هُمَا الْأَصْلُ وَالْعَطَاءُ عَنْ الْحُبِّ وَهُوَ السَّخَاءُ وَالْمَنْعُ عَنْ الْبُغْضِ وَهُوَ الشَّحَاحَةُ. فَأَمَّا الْغَضَبُ فَقَدْ يُقَالُ: هُوَ خُصُوصٌ فِي الْبُغْضِ وَهُوَ الشِّدَّةُ الَّتِي تَقُومُ فِي النَّفْسِ الَّتِي يَقْتَرِنُ بِهَا غَلَيَانُ دَمِ الْقَلْبِ لِطَلَبِ الِانْتِقَامِ وَهَذَا هُوَ الْغَضَبُ الْخَاصُّ وَلِهَذَا تَعْدِلُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ عَنْ مُقَابَلَةِ الشَّهْوَةِ بِالْغَضَبِ إلَى مُقَابَلَتِهَا بِالنَّفْرَةِ وَمَنْ قَابَلَ الشَّهْوَةَ بِالْغَضَبِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُرِيدَ الْغَضَبَ الْخَاصَّ فَإِنَّ نِسْبَةَ هَذَا إلَى النَّفْرَةِ نِسْبَةُ الطَّمَعِ إلَى الشَّهْوَةِ فَأَمَّا الْغَضَبُ الْعَامُّ فَهُوَ الْقُوَّةُ الدَّافِعَةُ البغضية الْمُقَابِلَةُ لِلْقُوَّةِ الْجَاذِبَةِ الحبية.
فَصْلٌ:
فِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ صَادِرٌ عَنْ الْقُوَّةِ الْإِرَادِيَّةِ الحبية الشهوية وَتَرْكُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ صَادِرٌ عَنْ الْقُوَّةِ الكَرَاهِيَّةِ الْبُغْضِيَّةِ الْغَضَبِيَّةِ النفرية وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ صَادِرٌ عَنْ الْمَحَبَّةِ وَالْإِرَادَةِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ صَادِرٌ عَنْ الْبُغْضِ وَالْكَرَاهَةِ كَذَلِكَ التَّرْغِيبُ فِي الْمَعْرُوفِ وَالتَّرْهِيبُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْحَضُّ عَلَى هَذَا وَالزَّجْرُ عَنْ هَذَا وَلِهَذَا لَا تَكُفُّ النُّفُوسُ عَنْ الظُّلْمِ إلَّا بِالْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ الدفعية وَبِذَلِكَ يَقُومُ الْعَدْلُ وَالْقِسْطُ فِي الْحُكْمِ وَالْقِسْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute