وَالْقُرْآنُ يَتَنَاوَلُ مَعَانِيَهُ وَلَفْظَهُ وَمَجْمُوعُ هَذَا لَيْسَ قَوْلًا لِغَيْرِ اللَّهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَإِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ جِبْرِيلَ أَوْ مُحَمَّدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَخْلُوقِينَ كُفْرٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ عَظَّمَ اللَّهُ الْإِنْكَارَ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ قَوْلُ الْبَشَرِ فَقَالَ تَعَالَى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} إلَى قَوْلِهِ: {إنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} {ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} {ثُمَّ نَظَرَ} {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} {ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ} {فَقَالَ إنْ هَذَا إلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} {إنْ هَذَا إلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ} . فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْقُرْآنَ قَوْلُ الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ إنَّهُ قَوْلُ مَلَكٍ؛ وَإِنَّمَا يَقُولُ إنَّهُ قَوْلُ جِبْرِيلَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ: إمَّا رَجُلٌ مِنْ الْمَلَاحِدَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ. الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّهُ فَيْضٌ فَاضَ عَلَى نَفْسِ النَّبِيِّ مِنْ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ وَيَقُولُونَ: إنَّهُ جِبْرِيلُ. وَيَقُولُونَ: إنَّ جِبْرِيلَ هُوَ الْخَيَالُ الَّذِي يَتَمَثَّلُ فِي نَفْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يَقُولُونَ: إنَّهُ تَلَقَّاهُ مَعَانٍ مُجَرَّدَةً ثُمَّ إنَّهُ تَشَكَّلَ فِي نَفْسِهِ حُرُوفًا كَمَا يَتَشَكَّلُ فِي نَفْسِ النَّائِمِ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ ابْنُ عَرَبِيٍّ صَاحِبُ " الْفُصُوصِ " وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَلَاحِدَةِ؛ وَلِهَذَا يَدَّعِي أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْمَعْدِنِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَلَكُ الَّذِي يُوحِي بِهِ إلَى الرَّسُولِ فَإِنَّ " الْمَعْدِنَ " عِنْدَهُ هُوَ الْعَقْلُ وَ " الْمَلَكُ " هُوَ الْخَيَالُ الَّذِي فِي نَفْسِهِ وَالنَّبِيُّ عِنْدَهُمْ يَأْخُذُ مِنْ هَذَا الْخَيَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute