للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعَالَى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} {عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} . وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} فَإِنَّهُ أَضَافَهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بَلَّغَهُ وَأَدَّاهُ لَا لِكَوْنِهِ أَحْدَثَ مِنْهُ شَيْئًا وَابْتَدَأَهُ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ فِي إحْدَى الْآيَتَيْنِ: {إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ} {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فَالرَّسُولُ هُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} فَالرَّسُولُ هُنَا جِبْرِيلُ. وَاَللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ؛ فَلَوْ كَانَتْ إضَافَتُهُ إلَى أَحَدِهِمَا لِكَوْنِهِ أَلَّفَ النَّظْمَ الْعَرَبِيَّ وَأَحْدَثَ مِنْهُ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ تَنَاقَضَ الْكَلَامُ. فَإِنَّهُ إنْ كَانَ نَظَمَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَكُنْ نَظَمَ الْآخَرَ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: {لَقَوْلُ رَسُولٍ} وَلَمْ يَقُلْ لَقَوْلُ مَلَكٍ وَلَا نَبِيٍّ وَلَفْظُ الرَّسُولِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مُبَلِّغٌ لَهُ عَنْ مُرْسِلِهِ لَا أَنَّهُ أَنْشَأَ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا. وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: {إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} ضَمِيرٌ يَعُودُ إلَى الْقُرْآنِ