للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَذَلِكَ بَلْ تَكَلَّمَ بِحَسَبِ مَبْلَغِهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالنَّظَرِ وَالْبَحْثِ فِي كُلِّ مَقَامٍ بِمَا يَظْهَرُ لَهُ وَهُوَ مُتَنَاقِضٌ فِي عَامَّةِ مَا يَقُولُهُ؛ يُقَرِّرُ هُنَا شَيْئًا ثُمَّ يَنْقُضُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْمَوَادَّ الْعَقْلِيَّةَ الَّتِي كَانَ يَنْظُرُ فِيهَا مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُبْتَدَعِ الْمَذْمُومِ عِنْدَ السَّلَفِ وَمِنْ كَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ الْخَارِجِينَ عَنْ الْمِلَّةِ يَشْتَمِلُ عَلَى كَلَامٍ بَاطِلٍ - كَلَامِ هَؤُلَاءِ وَكَلَامِ هَؤُلَاءِ: - فَيُقَرِّرُ كَلَامَ طَائِفَةٍ بِمَا يُقَرِّرُ بِهِ ثُمَّ يَنْقُضُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِمَا يُنْقَضُ بِهِ. وَلِهَذَا اعْتَرَفَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ فَقَالَ: لَقَدْ تَأَمَّلْت الطُّرُقَ الْكَلَامِيَّةَ وَالْمَنَاهِجَ الْفَلْسَفِيَّةَ فَمَا رَأَيْتهَا تَشْفِي عَلِيلًا وَلَا تَرْوِي غَلِيلًا وَرَأَيْت أَقْرَبَ الطُّرُقِ " طَرِيقَةَ الْقُرْآنِ " اقْرَأْ فِي الْإِثْبَاتِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} {إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} وَاقْرَأْ فِي النَّفْيِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} وَمَنْ جَرَّبَ مِثْلَ تَجْرِبَتِي عَرَفَ مِثْلَ مَعْرِفَتِي. والآمدي تَغْلِبُ عَلَيْهِ الْحَيْرَةُ وَالْوَقْفُ فِي عَامَّةِ الْأُصُولِ الْكِبَارِ حَتَّى إنَّهُ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ سُؤَالًا فِي تَسَلْسُلِ الْعِلَلِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ عَنْهُ جَوَابًا وَبَنَى إثْبَاتَ الصَّانِعِ عَلَى ذَلِكَ؛ فَلَا يُقَرِّرُ فِي كُتُبِهِ لَا إثْبَاتَ الصَّانِعِ وَلَا حُدُوثَ الْعَالَمِ وَلَا وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ وَلَا النُّبُوَّاتِ وَلَا شَيْئًا مِنْ الْأُصُولِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهَا. وَالرَّازِي - وَإِنْ كَانَ يُقَرِّرُ بَعْضَ ذَلِكَ - فَالْغَالِبُ عَلَى مَا يُقَرِّرُهُ أَنَّهُ يَنْقُضُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَكِنْ هُوَ أَحْرَصُ عَلَى تَقْرِيرِ الْأُصُولِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهَا مِنْ