للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ السُّجُودُ دُونَ صَلَاةِ النَّفْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهُ قَاعِدًا وَإِنْ كَانَ الْقِيَامُ أَفْضَلَ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَكْمَلُ مِنْ النَّفْلِ مِنْ وَجْهٍ فَاشْتُرِطَ لَهَا الْقِيَامُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَعَذَّرُ وَصَلَاةُ النَّافِلَةِ فِيهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ فَهِيَ أَكْمَلُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَالْمَقْصُودُ الْأَكْبَرُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ هُوَ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَلِهَذَا كَانَ عَامَّةُ مَا فِيهَا مِنْ الذِّكْرِ دُعَاءً. وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْعُلَمَاءُ: هَلْ فِيهَا قِرَاءَةٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ وَلَمْ يُوَقِّتْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا دُعَاءً بِعَيْنِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يتوقت فِيهَا وُجُوبُ شَيْءٍ مِنْ الْأَذْكَارِ وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِيهَا سُنَّةً كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَالنَّاسُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِيهَا عَلَى أَقْوَالٍ: قِيلَ: تُكْرَهُ. وَقِيلَ: تَجِبُ. وَالْأَشْبَهُ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لَا تُكْرَهُ وَلَا تَجِبُ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا قُرْآنٌ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ فَلَوْ كَانَتْ الْفَاتِحَةُ وَاجِبَةً فِيهَا كَمَا تَجِبُ فِي الصَّلَاةِ التَّامَّةِ لَشُرِعَ فِيهَا قِرَاءَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْفَاتِحَةِ. وَلِأَنَّ الْفَاتِحَةَ نِصْفُهَا ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَنِصْفُهَا دُعَاءٌ لِلْمُصَلِّي نَفْسِهِ لَا دُعَاءٌ لِلْمَيِّتِ وَالْوَاجِبُ فِيهَا الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَمَا كَانَ تَتِمَّةً كَذَلِكَ. وَالْمَشْهُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ فِيهَا سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً لِنَقْصِهَا عَنْ الصَّلَاةِ التَّامَّةِ. وَقَوْلُهُ: {مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَا يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ}