للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَّنَ أَنَّ عَلَى الْأُمِّ الْإِتْمَامَ إذَا أَرَادَ الْأَبُ وَفِي تِلْكَ بَيَّنَ أَنَّ عَلَى الْأَبِ الْأَجْرَ إذَا أَبَتْ الْمَرْأَةُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: " التَّشَاوُرُ " فِيمَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ: إنْ أَرَادَتْ أَنْ تَفْطِمَ وَأَبَى فَلَيْسَ لَهَا وَإِنْ أَرَادَ هُوَ وَلَمْ تُرِدْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَقَعَ ذَلِكَ عَلَى تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ يَقُولُ: غَيْرُ مُسِيئِينَ إلَى أَنْفُسِهِمَا وَلَا رَضِيعِهِمَا. وقَوْله تَعَالَى {إذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ إذَا أَسْلَمْتُمْ أَيُّهَا الْآبَاءُ إلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَجْرَ مَا أَرْضَعْنَ قَبْلَ امْتِنَاعِهِنَّ: رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ والسدي. وَقِيلَ: إذَا أَسْلَمْتُمْ إلَى الظِّئْرِ أَجْرَهَا: بِالْمَعْرُوفِ: رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُقَاتِلٍ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: (أَتَيْتُمْ) بِالْقَصْرِ. وقَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وَلَمْ يَقُلْ: وَعَلَى الْوَالِدِ كَمَا قَالَ {وَالْوَالِدَاتُ} لِأَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ الَّتِي تَلِدُهُ وَأَمَّا الْأَبُ فَلَمْ يَلِدْهُ؛ بَلْ هُوَ مَوْلُودٌ لَهُ لَكِنْ إذَا قُرِنَ بَيْنَهُمَا قِيلَ: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا} فَأَمَّا مَعَ الْإِفْرَادِ فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ تَسْمِيَتُهُ وَالِدًا بَلْ أَبًا. وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْوَلَدَ وُلِدَ لِلْأَبِ؛ لَا لِلْأُمِّ؛ وَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ حَمْلًا وَأُجْرَةَ رَضَاعِهِ. وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْله تَعَالَى {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} فَجَعَلَهُ مَوْهُوبًا لِلْأَبِ. وَجَعَلَ بَيْتَهُ بَيْتَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} وَإِذَا كَانَ الْأَبُ هُوَ الْمُنْفِقُ عَلَيْهِ جَنِينًا وَرَضِيعًا وَالْمَرْأَةُ وِعَاءٌ: فَالْوَلَدُ زَرْعٌ لِلْأَبِ قَالَ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} فَالْمَرْأَةُ هِيَ الْأَرْضُ الْمَزْرُوعَةُ وَالزَّرْعُ فِيهَا لِلْأَبِ وَقَدْ {نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْقِيَ الرَّجُلُ مَاءَهُ