للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زَرْعَ غَيْرِهِ} " يُرِيدُ بِهِ النَّهْيَ عَنْ وَطْءِ الْحَبَالَى فَإِنَّ مَاءَ الْوَاطِئِ يَزِيدُ فِي الْحَمْلِ كَمَا يَزِيدُ الْمَاءُ فِي الزَّرْعِ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الصَّحِيحِ: " {لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنَةً تَدْخُلُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ كَيْفَ يُورِثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ وَكَيْفَ يَسْتَعْبِدُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ} ؟ " وَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ لِلْأَبِ وَهُوَ زَرْعُهُ كَانَ هَذَا مُطَابِقًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك} " وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ} " فَقَدْ حَصَلَ الْوَلَدُ مِنْ كَسْبِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ؛ فَإِنَّ الزَّرْعَ الَّذِي فِي الْأَرْضِ كَسْبُ الْمُزْدَرِعِ لَهُ الَّذِي بَذَرَهُ وَسَقَاهُ وَأَعْطَى أُجْرَةَ الْأَرْضِ فَإِنَّ الرَّجُلَ أَعْطَى الْمَرْأَةَ مَهْرَهَا وَهُوَ أَجْرُ الْوَطْءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} وَهُوَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} وَقَدْ فُسِّرَ {وَمَا كَسَبَ} بِالْوَلَدِ. فَالْأُمُّ هِيَ الْحَرْثُ وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا زَرْعٌ وَالْأَبُ اسْتَأْجَرَهَا بِالْمَهْرِ كَمَا يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ وَأَنْفَقَ عَلَى الزَّرْعِ بِإِنْفَاقِهِ لَمَّا كَانَتْ حَامِلًا ثُمَّ أَنْفَقَ عَلَى الرَّضِيعِ كَمَا يُنْفِقُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ إذَا كَانَ مَسْتُورًا وَإِذَا بَرَزَ؛ فَالزَّرْعُ هُوَ الْوَلَدُ وَهُوَ مِنْ كَسْبِهِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ؛ كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَأَنَّ مَالَهُ لِلْأَبِ مُبَاحٌ وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلِابْنِ فَهُوَ مُبَاحٌ لِلْأَبِ أَنْ يَمْلِكَهُ وَإِلَّا بَقِيَ لِلِابْنِ؛ فَإِذَا مَاتَ وَلَمْ يَتَمَلَّكْهُ وَرِثَ عَنْ الِابْنِ. وَلِلْأَبِ أَيْضًا أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْوَلَدَ مَا لَمْ يَضُرَّ بِهِ. وَفِي هَذَا وُجُوبُ طَاعَةِ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ إذَا كَانَ الْعَمَلُ مُبَاحًا لَا يَضُرُّ بِالِابْنِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ اسْتَخْدَمَ عَبَدَهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ اعْتَدَى عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ فَالِابْنُ أَوْلَى.