للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

" الْمَأْخَذُ الثَّانِي " الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ يَأْكُلُ ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ هُوَ كَوْنُ هَؤُلَاءِ الْمَوْجُودِينَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةٍ مَنْ دَخَلَ فِي دِينِهِمْ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ وَهُوَ الْمَأْخَذُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ السَّائِلِ؛ وَهُوَ الْمَأْخَذُ الَّذِي تَنَازَعَ فِيهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ؛ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} هَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ هُوَ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ مُتَدَيِّنٌ بَدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ؟ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ كَانَ آبَاؤُهُ قَدْ دَخَلُوا فِي دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ. " فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ " هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ وَمَالِكٍ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد؛ بَلْ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ صَرِيحًا. و " الثَّانِي " قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد.

[وَأَصْلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ عَلِيًّا وَابْنَ عَبَّاسٍ تَنَازَعَا فِي ذَبَائِحِ بَنِي تَغْلِبَ فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا تُبَاحُ ذَبَائِحُهُمْ وَلَا نِسَاؤُهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَمَسَّكُوا مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ إلَّا بِشُرْبِ