للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُدُودَهُ وَأَمَرَ بِطَاعَتِهِ وَنَهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ. وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ سَأَلْت الْحَسَنَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} قَالَ: هُوَ كِتَابٌ بِحَقِّ. وَ " الْفُرْقَانُ " مَصْدَرُ فَرَقَ فُرْقَانًا مِثْلُ الرُّجْحَانِ وَالْكُفْرَانِ وَالْخُسْرَانِ وَكَذَلِكَ " الْقُرْآنُ " هُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ قَرَأَ قُرْآنًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} {ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} وَيُسَمَّى الْكَلَامُ الْمَقْرُوءُ نَفْسُهُ " قُرْآنًا " وَهُوَ كَثِيرٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} كَمَا أَنَّ الْكَلَامَ هُوَ اسْمُ مَصْدَرِ كَلَّمَ تَكْلِيمًا وَتَكَلَّمَ تَكَلُّمًا وَيُرَادُ بِهِ الْكَلَامُ نَفْسُهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا تَكَلَّمَ كَانَ كَلَامُهُ بِفِعْلِ مِنْهُ وَحَرَكَةٍ هِيَ مُسَمَّى الْمَصْدَرِ وَحَصَلَ عَنْ الْحَرَكَةِ صَوْتٌ يُقَطَّعُ حُرُوفًا هُوَ نَفْسُ التَّكَلُّمِ فَالْكَلَامُ وَالْقَوْلُ وَنَحْوُ ذَلِكَ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا؛ وَلِهَذَا كَانَ الْكَلَامُ تَارَةً يُجْعَلُ نَوْعًا مِنْ الْعَمَلِ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَصْدَرُ وَتَارَةً يُجْعَلُ قَسِيمًا لَهُ إذَا أُرِيدَ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ وَهُوَ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا. وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ لَفْظَ " الْفُرْقَانِ " إذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَصْدَرُ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْفَصْلَ وَالْفَرْقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَهَذَا مُنَزَّلٌ فِي الْكِتَابِ فَإِنَّ فِي الْكِتَابِ الْفَصْلَ، وَإِنْزَالُ الْفَرْقِ هُوَ إنْزَالُ الْفَارِقِ. وَإِنْ أُرِيدَ بِالْفُرْقَانِ مَا يُفَرِّقُ فَهُوَ الْفَارِقُ أَيْضًا فَهُمَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ وَإِنْ أُرِيدَ