للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمَّا صَنَّفَ الْكُتَّابُ فِي الْكَلَامِ صَارُوا يُقَدِّمُونَ التَّوْحِيدَ وَالصِّفَاتِ فَيَكُونُ الْكَلَامُ أَوَّلًا مَعَ الْجَهْمِيَّة وَكَذَلِكَ رَتَّبَ أَبُو الْقَاسِمِ الطبري كِتَابَهُ فِي أُصُولِ السُّنَّةِ وَالْبَيْهَقِي أَفْرَدَ لِكُلِّ صِنْفٍ مُصَنَّفًا فَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي الصِّفَاتِ وَمُصَنَّفٌ فِي الْقَدَرِ وَمُصَنَّفٌ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَمُصَنَّفٌ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَمُصَنَّفٌ فِي الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَبَسْطُ هَذِهِ الْأُمُورِ لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مَنْشَأَ النِّزَاعِ فِي " الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ " فِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ أَنَّهُمْ لَمَّا ظَنُّوا أَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ قَالَ أُولَئِكَ: فَإِذَا فَعَلَ ذَنْبًا زَالَ بَعْضُهُ فَيَزُولُ كُلُّهُ فَيَخْلُدُ فِي النَّارِ فَقَالَتْ الْجَهْمِيَّة وَالْمُرْجِئَةُ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ يَخْلُدُ فِي النَّارِ وَأَنَّهُ لَيْسَ كَافِرًا مُرْتَدًّا؛ بَلْ هُوَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا تَامَّ الْإِيمَانِ لَيْسَ مَعَهُ بَعْضُ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ عِنْدَهُمْ لَا يَتَبَعَّضُ فَاحْتَاجُوا أَنْ يَجْعَلُوا الْإِيمَانَ شَيْئًا وَاحِدًا يَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيعُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَقَالَ فُقَهَاءُ الْمُرْجِئَةِ: هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَالْقَوْلُ بِاللِّسَانِ فَقَالَتْ الْجَهْمِيَّة بَعْدَ تَصْدِيقِ اللِّسَانِ قَدْ لَا يَجِبُ إذَا كَانَ الرَّجُلُ أَخْرَسَ أَوْ كَانَ مُكْرَهًا فَاَلَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ وَقَالَتْ الْمُرْجِئَةُ: الرَّجُلُ إذَا أَسْلَمَ كَانَ مُؤْمِنًا قَبْلَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَفْعَالِ. وَأَنْكَرَ كُلُّ هَذِهِ الطَّوَائِفِ أَنَّهُ " يَنْقُصُ " وَالصَّحَابَةُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُمْ