للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسُنَّةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَهُوَ حِفْظٌ لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِحِفْظِهَا وَالشُّبْهَةُ فِي هَذَا كَالشُّبْهَةِ فِي الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ وَالْخَطَأَ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَرَوْنَ " الْعُقُوبَاتِ الْمَالِيَّةَ " مَشْرُوعَةٌ حَيْثُ مَضَتْ بِهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّةُ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ كَمَا أَنَّ الْعُقُوبَاتِ الْبَدَنِيَّةَ مَشْرُوعَةٌ حَيْثُ مَضَتْ بِهَا السُّنَّةُ وَقَدْ أَنْكَرَ الْعُقُوبَاتِ الْمَالِيَّةَ مَنْ أَنْكَرَهَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ وَادَّعَوْا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَمِنْ أَيْنَ يَأْتُونَ عَلَى نَسْخِهَا بِحُجَّةِ؟ وَهَذَا يَفْعَلُونَهُ كَثِيرًا إذَا رَأَوْا حَدِيثًا صَحِيحًا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ وَأَمَّا عُلَمَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعُلَمَاءُ الْحَدِيثِ فَرَأَوْا السُّنَنَ وَالْآثَارَ قَدْ جَاءَتْ بِالْعُقُوبَاتِ الْمَالِيَّةِ كَمَا جَاءَتْ بِالْعُقُوبَاتِ الْبَدَنِيَّةِ: مِثْلَ كَسْرِ دِنَانِ الْخَمْرِ وَشَقِّ ظُرُوفِهَا وَتَحْرِيقِ حَانُوتِ الْخَمَّارِ كَمَا صَنَعَ مُوسَى بِالْعِجْلِ وَصَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَصْنَامِ وَكَمَا أَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بِتَحْرِيقِ الثَّوْبَيْنِ الْمُعَصْفَرَيْنِ وَكَمَا أَمَرَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِكَسْرِ الْقُدُورِ الَّتِي فِيهَا لَحْمُ الْحُمُرِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فِي غَسْلِهَا وَكَمَا ضُعِّفَ الْقَوَدُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ الْحِرْزِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ غُرْمُ الضَّالَّةِ الْمَكْتُومَةِ وَضِعْفَ ثَمَنِ دِيَةِ الذِّمِّيِّ الْمَقْتُولِ عَمْدًا. وَكَذَلِكَ مَذْهَبُهُمْ فِي " الْعُقُودِ وَالدِّيَاتِ " مِنْ أَصَحِّ الْمَذَاهِبِ فَمِنْ