ذَلِكَ دِيَةُ الذِّمِّيِّ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: دِيَتُهُ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ؛ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: دِيَتُهُ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا قِيلَ؛ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ دِيَتَهُ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ: أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنْ ذَلِكَ الْعَاقِلَةُ تَحْمِلُ جَمِيعَ الدِّيَةِ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ أَوْ تَحْمِلُ الْمُقَدَّرَاتِ كَدِيَةِ الْمُوضِحَةِ وَالْأَصَابِعِ فَمَا فَوْقَهَا كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ أَوْ تَحْمِلُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الْمَأْثُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد وَفِي الثُّلُثِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد. وَيُذْكَرُ أَنَّهُ تَنَاظَرَ مَدَنِيٌّ وَكُوفِيٌّ فَقَالَ الْمَدَنِيُّ لِلْكُوفِيِّ: قَدْ بُورِكَ لَكُمْ فِي الرُّبُعِ كَمَا تَقُولُ: يُمْسَحُ رُبُعُ الرَّأْسِ وَيُعْفَى عَنْ النَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ عَنْ رُبُعِ الْمَحَلِّ وَكَمَا تَقُولُونَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ الْكُوفِيُّ: وَأَنْتُمْ بُورِكَ لَكُمْ فِي الثُّلُثِ كَمَا تَقُولُونَ: إذَا نَذَرَ صَدَقَةَ مَالِهِ أَجْزَأَهُ الثُّلُثُ؛ وَكَمَا تَقُولُونَ: الْعَاقِلَةُ تَحْمِلُ مَا فَوْقَ الثُّلُثِ وَعَقْلُ الْمَرْأَةِ كَعَقْلِ الرَّجُلِ إلَى الثُّلُثِ فَإِذَا زَادَتْ كَانَتْ عَلَى النِّصْفِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ. وَهَذَا صَحِيحٌ؛ وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْكُوفِيِّ: لَيْسَ فِي الرُّبُعِ أَصْلٌ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute