رَأَوْا بَأْسَنَا} الْآيَةَ. بَيَّنَ أَنَّ التَّوْبَةَ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْبَأْسِ لَا تَنْفَعُ وَأَنَّ هَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ؛ كَفِرْعَوْنَ وَغَيْرِهِ وَفِي الْحَدِيثِ: " {أَنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ} " وَرُوِيَ: " {مَا لَمْ يُعَايِنْ} ". وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَ عَلَى عَمِّهِ التَّوْحِيدَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ} وَقَدْ {عَادَ يَهُودِيًّا كَانَ يَخْدِمُهُ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنْ النَّارِ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: آوُوا أَخَاكُمْ} ". وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمَغْفِرَةَ الْعَامَّةَ فِي الزُّمَرِ هِيَ لِلتَّائِبِينَ أَنَّهُ قَالَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: {إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فَقَيَّدَ الْمَغْفِرَةَ بِمَا دُونَ الشِّرْكِ وَعَلَّقَهَا عَلَى الْمَشِيئَةِ وَهُنَاكَ أَطْلَقَ وَعَمَّمَ فَدَلَّ هَذَا التَّقْيِيدُ وَالتَّعْلِيقُ عَلَى أَنَّ هَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ التَّائِبِ؛ وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ أَهْلُ السُّنَّةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى جَوَازِ الْمَغْفِرَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ فِي الْجُمْلَةِ خِلَافًا لِمَنْ أَوْجَبَ نُفُوذَ الْوَعِيدِ بِهِمْ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُخَالِفُونَ لَهُمْ قَدْ أَسْرَفَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ الْمُرْجِئَةِ حَتَّى تَوَقَّفُوا فِي لُحُوقِ الْوَعِيدِ بِأَحَدِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ كَمَا يُذْكَرُ عَنْ غَلَّاتِهِمْ أَنَّهُمْ نَفَوْهُ مُطْلَقًا وَدِينُ اللَّهِ وَسَطٌ بَيْنَ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَعَ اتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا مُتَطَابِقَةٌ عَلَى أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute