للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ يَكُونُ التَّعْرِيفُ بِاللَّامِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَمَعَ هَذَا يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى كَمَا فِي لَفْظِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ جُزْءَ الدَّلَالَةِ مَعْرِفَةُ الْمُخَاطَبِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: فَكَيْفَ يَكُونُ تَعْرِيفُ الْإِضَافَةِ مَعَ تَعْرِيفِ اللَّامِ؟ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى ظَهْرِ الْإِنْسَانِ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اخْتِلَافِ مَعْنَى اللَّفْظَيْنِ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرِكًا لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ لَا يَكُونُ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ اخْتَلَفَ مَعْنَاهُ؛ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يُوجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي اللُّغَةِ لَفْظٌ مُشْتَرِكٌ اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا؛ فَإِنَّ اللَّفْظَ الْمُشْتَرَكَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا مَقْرُونًا بِمَا يُبَيِّنُ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ قِيلَ: إمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا لَازِمًا؛ وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا بَطَلَ السُّؤَالُ؛ وَإِنْ كَانَ لَازِمًا الْتَزَمْنَا قَوْلَ مَنْ يَنْفِي الِاشْتِرَاكَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَمَا يَلْتَزِمُ قَوْلَ مَنْ يَنْفِي الْمَجَازَ.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ تَمْنَعُونَ ثُبُوتَ الِاشْتِرَاكِ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى وُجُودِهِ؟ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَوْهُ وَصَاحِبِ الْكِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ الآمدي يَعْتَرِفُ بِضِعْفِ أَدِلَّةِ مُثْبِتِيهِ وَقَدْ ذَكَرَ لِنَفْسِهِ دَلِيلًا هُوَ أَضْعَفُ مِمَّا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: فِي مَسَائِلِهِ