للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِهَذَا كَانَتْ الْأَيْمَانُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ تَنْصَرِفُ إلَى مَا يَعْرِفُهُ الْمُخَاطَبُ بِلُغَتِهِ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ حَقِيقَةً أَيْضًا كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ فَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ رُءُوسُ الْأَنْعَامِ: أَوْ رُءُوسُ الْغَنَمِ؛ أَوْ الرَّأْسُ الَّذِي يُؤْكَلُ فِي الْعَادَةِ وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْبَيْضِ؛ يُرَادُ بِهِ الْبَيْضُ الَّذِي يَعْرِفُونَهُ. فَأَمَّا رَأْسُ النَّمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَدْخُلُ فِي اللَّفْظِ وَلَا يَدْخُلُ بَيْضُ السَّمَكِ فِي الْيَمِينِ؛ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَقِيقَةً إذَا قِيلَ: بَيْضُ النَّمْلِ وَبَيْضُ السَّمَكِ بِالْإِضَافَةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: بِعْتُك بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ: انْصَرَفَ الْإِطْلَاقُ إلَى مَا يَعْرِفُونَهُ مِنْ مُسَمَّى هَذَا اللَّفْظِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَقْدِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ حَتَّى إنَّهُ فِي الْمَكَانِ الْوَاحِدِ يَكُونُ لَفْظُ الدِّينَارِ يُرَادُ بِهِ فِي ثَمَنِ بَعْضِ السِّلَعِ الذَّهَبُ الْخَالِصُ؛ وَفِي سِلْعَةٍ أُخْرَى ذَهَبٌ مَغْشُوشٌ؛ وَفِي سِلْعَةٍ أُخْرَى مِقْدَارٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَيُحْمَلُ الْعَقْدُ الْمُطْلَقُ عَلَى مَا يَعْرِفُهُ الْمُتَبَايِعَانِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ بِمَا يُبَيِّنُ مَعْنَاهُ فَكَيْفَ إذَا كَانَ نَفْسُ اللَّفْظِ مُتَغَايِرًا كَلَفْظِ ظَهْرِ الْإِنْسَانِ؛ وَظَهْرِ الطَّرِيقِ؛ وَرَأْسِ الْإِنْسَانِ وَرَأْسِ الدَّرْبِ؛ وَرَأْسِ الْمَالِ؛ أَوْ رَأْسِ الْعَيْنِ؛ أَوْ قُيِّدَ أَحَدُهُمَا بِالتَّعْرِيفِ كَلَفْظِ الظَّهْر؛ وَقُيِّدَ الْآخَرُ بِالْإِضَافَةِ؛ وَكَانَ اللَّامُ يُوجِبُ إرَادَةَ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ؛ وَالْإِضَافَةُ تُوجِبُ الِاخْتِصَاصَ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ. فَالْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ لَيْسَ هُوَ الْمُعَرَّفَ بِالْإِضَافَةِ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى.