مُعَيَّنَةٍ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ فَالْمُعَيَّنُ فِي جَمِيعِ الْمَأْمُورَاتِ الْمُطْلَقَةِ لَيْسَ مَأْمُورًا بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا الْمَأْمُورُ بِهِ مُطْلَقٌ وَالْمُطْلَقُ يَحْصُلُ بِالْمُعَيَّنِ. فَالْمُعَيَّنُ فِيهِ شَيْئَانِ: خُصُوصُ عَيْنِهِ وَالْحَقِيقَةُ الْمُطْلَقَةُ فَالْحَقِيقَةُ الْمُطْلَقَةُ هِيَ الْوَاجِبَةُ وَأَمَّا خُصُوصُ الْعَيْنِ فَلَيْسَ وَاجِبًا وَلَا مَأْمُورًا بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ أَحَدُ الْأَعْيَانِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْمُطْلَقُ؛ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ إلَى مَكَّةَ وَلَا قَصْدَ لِلْآمِرِ فِي خُصُوصِ التَّعْيِينِ. وَهَذَا الْكَلَامُ مَذْكُورٌ فِي مَسْأَلَةِ الْوَاجِبِ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالْوَاجِبِ الْمُطْلَقِ وَالْوَاجِبِ الْمُعَيَّنِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا: أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ قَدْ أُمِرَ فِيهِ بِأَحَدِ أَشْيَاءَ مَحْصُورَةٍ وَالْمُطْلَقُ لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِأَحَدِ أَشْيَاءَ مَحْصُورَةٍ؛ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالْمُطْلَقِ. وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ فِيهِ: هَلْ الْوَاجِبُ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ كَالْوَاجِبِ الْمُطْلَقِ؟ أَوْ الْوَاجِبُ هُوَ الْمُشْتَرَكُ وَالْمُمَيَّزُ أَيْضًا عَلَى التَّخْيِيرِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَالْمُشْتَرِكُ هُوَ كَوْنُهُ أَحَدَهَا فَعَلَى هَذَا مَا تَمَيَّزَ بِهِ أَحَدُهَا عَنْ الْآخَرِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ بِخِلَافِ مَا إذَا قِيلَ الْمُتَمَيِّزُ وَاجِبٌ أَيْضًا عَلَى الْبَدَلِ وَأَمَّا الْمُطْلَقُ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِلْأَعْيَانِ الْمُتَمَيِّزَةِ بِقَصْدِ لَكِنَّهُ مِنْ ضَرُورَةِ الْوَاقِعِ فَهُوَ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَهُوَ وَإِنْ قِيلَ: هُوَ وَاجِبٌ فَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْفِعْلِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ فَاخْتِيَارُهُ لِإِحْدَى الْعَيْنَيْنِ لَا يَجْعَلُهُ وَاجِبًا عَيْنًا فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ تَعْيِينَ عَيْنِ الْفِعْلِ وَعَيْنَ الْمَكَانِ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ فَإِذَا نُهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute