الشَّيْبُ كُرْهٌ وَكُرْهٌ أَنْ نُفَارِقَهُ … فَاعْجَبْ لِشَيْءٍ عَلَى الْبَغْضَاءِ مَحْبُوبُ
فَهُوَ يَكْرَهُ الشَّيْبَ وَيَبْغُضُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ زَوَالِ الشَّبَابِ النَّافِعِ وَوُجُودِ الْمَشِيبِ الضَّارِّ وَهُوَ يُحِبُّهُ أَيْضًا وَيَكْرَهُ عَدَمَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ وُجُودِ الْحَيَاةِ وَفِي عَدَمِهِ مِنْ الْفَنَاءِ.
وَهَذِهِ حَالُ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَمَفْسَدَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْأُمُورِ لَكِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُعَيَّنَ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ لَا يُؤْمَرُ بِعَيْنِهَا وَيَنْهَى عَنْ عَيْنِهَا؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ فَإِنَّهُ تَكْلِيفٌ لِلْفَاعِلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ وُجُودِ الْفِعْلِ الْمُعَيَّنِ وَعَدِمِهِ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ مُطْلَقَةٌ وَيَنْهَى عَنْ الْكَوْنِ فِي الْبُقْعَةِ فَيَكُونُ مَوْرِدُ الْأَمْرِ غَيْرَ مَوْرِدِ النَّهْي وَلَكِنْ تَلَازَمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَالْعَبْدُ هُوَ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا أَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَهُ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَأَمَرَهُ بِصَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ وَنَهَاهُ عَنْ كَوْنٍ مُطْلَقٍ. وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَالشَّارِعُ لَا يَأْمُرُ بِهِ وَلَا يَنْهَى عَنْهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْمُعَيَّنَاتِ وَهَذَا أَصْلٌ مُطَّرِدٌ فِي جَمِيعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْمُطْلَقَاتِ بَلْ فِي كُلِّ أَمْرٍ؛ فَإِنَّهُ إذَا أَمَرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ مُطْلَقَةٍ كَقَوْلِهِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} أَوْ بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا؛ أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ بِصَلَاةٍ فِي مَكَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يُمْكِنُهُ الِامْتِثَالُ إلَّا بِإِعْتَاقِ رَقَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِطْعَامِ طَعَامٍ مُعَيَّنٍ لِمَسَاكِينَ مُعَيَّنِينَ وَصِيَامِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ وَصَلَاةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute