بِهِ تَمَاثُلُ الْمُتَمَاثِلَاتِ مِنْ الصِّفَاتِ وَالْمَقَادِيرِ هُوَ مِنْ الْمِيزَانِ. وَكَذَلِكَ مَا يُعْرَفُ بِهِ اخْتِلَافُ الْمُخْتَلِفَاتِ. فَإِذَا عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْخَمْرَ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ وَتُوقِعُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ. ثُمَّ رَأَيْنَا النَّبِيذَ يُمَاثِلُهَا فِي ذَلِكَ كَانَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ هُوَ الْمِيزَانَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِنَا لِنَزِنَ بِهِ هَذَا وَنَجْعَلَهُ مِثْلَ هَذَا. فَلَا نُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ. فَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ هُوَ مِنْ الْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ. وَمَنْ عَلِمَ الْكُلِّيَّاتِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ الْمُعَيَّنِ فَمَعَهُ الْمِيزَانُ فَقَطْ. وَالْمَقْصُودُ بِهَا وَزْنُ الْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ. وَإِلَّا فَالْكُلِّيَّاتُ لَوْلَا جُزْئِيَّاتُهَا الْمُعَيَّنَةُ لَمْ يَكُنْ بِهَا اعْتِبَارٌ. كَمَا أَنَّهُ لَوْلَا الْمَوْزُونَاتُ لَمْ يَكُنْ إلَى الْمِيزَانِ مِنْ حَاجَةٍ. وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ أَحَدُ الْمَوْزُونَيْنِ وَاعْتُبِرَ بِالْآخَرِ بِالْمِيزَانِ كَانَ أَتَمَّ فِي الْوَزْنِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمِيزَانُ وَهُوَ الْوَصْفَ الْكُلِّيَّ الْمُشْتَرَكَ فِي الْعَقْلِ أَيُّ شَيْءٍ حَضَرَ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُفْرَدَةِ وُزِنَ بِهَا مَعَ مَغِيبِ الْآخَرِ.
وَلَا يَجُوزُ لِعَاقِلِ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ الْمِيزَانَ الْعَقْلِيَّ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ هُوَ مَنْطِقُ الْيُونَانِ لِوُجُوهِ:
أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْمَوَازِينَ مَعَ كُتُبِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْيُونَانَ مِنْ عَهْدِ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَغَيْرِهِمْ. وَهَذَا الْمَنْطِقُ الْيُونَانِيُّ وَضَعَهُ أَرِسْطُو قَبْلَ الْمَسِيحِ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ فَكَيْفَ كَانَتْ الْأُمَمُ الْمُتَقَدِّمَةُ تَزِنُ بِهِ؟! .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute