مَا رُوِيَ مِنْ كَرَاهَةِ مَنْ كَرِهَ التِّرْيَاقَ مِنْ السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُقَابِلْ ذَلِكَ نَصٌّ عَامٌّ وَلَا خَاصٌّ يَبْلُغُ ذُرْوَةَ الْمَطْلَبِ وَسَنَامَ الْمَقْصِدِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلَوْلَا أَنِّي كَتَبْت هَذَا مِنْ حِفْظِي لَاسْتَقْصَيْت الْقَوْلَ عَلَى وَجْهٍ يُحِيطُ بِمَا دَقَّ وَجَلَّ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ.
الدَّلِيلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رَابِعٌ: الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الَّذِي خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَغَيْرِهِ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ فَقَالَ: صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ} . {وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ؛ فَقَالَ: لَا تُصَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ} . وَوَجْهُ الْحُجَّةِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَطْلَقَ الْإِذْنَ بِالصَّلَاةِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَائِلًا بَقِيَ مِنْ مُلَامَسَتِهَا وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ إلَى الْبَيَانِ. فَلَوْ احْتَاجَ لَبَيَّنَهُ وَقَدْ مَضَى تَقْرِيرُ هَذَا. وَهَذَا شَبِيهٌ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ: تَرْكُ الاستفصال. فِي حِكَايَةِ الْحَالِ. مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ. يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ. فَإِنَّهُ تَرَكَ استفصال السَّائِلِ: أَهُنَاكَ حَائِلٌ يَحُولُ بَيْنَك وَبَيْن أبعارها؟ مَعَ ظُهُورِ الِاحْتِمَالِ؛ لَيْسَ مَعَ قِيَامِهِ فَقَطْ وَأَطْلَقَ الْإِذْنَ بَلْ هَذَا أَوْكَدُ مِنْ ذَلِكَ: لِأَنَّ الْحَاجَةَ هنا إلَى الْبَيَانِ أَمَسُّ وَأَوْكَدُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ نَجِسَةً كَأَرْوَاثِ الْآدَمِيِّينَ لَكَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute